- اولاً: ان الشعب الجنوبي قد سبق قياداته إلى الساحات والميادين وأجبرها-وهي التي كانت قابعة في محارات القنوط والتهيب بالداخل والخارج- علىالخروج لتتبنى آماله وتعيش آلامه ،وتكون له صدىٍ وليس العكس.!
-ثانياً: كلما احتدمت حدة الخلافات بين قياداته وظهرت تصدعات في صفها بالداخلوالخارج، كلما ازداد صفه تماسكا وتوسع قطر دائرته الشعبية وبين صفوف النخبةوتضاعفت أعداده بالساحات -يوم الجمعة الماضية الثلاثين من نوفمبر مثالاً- حين خرجت تلك الحشود المليونية بعموم الجنوب وفي عدن تحديدا التي شهدتمسيرة وتشييع كبير للشهيدة فيروز اليافعي اذهلت الجميع وأفقدت الخصومصوابهم وتوازنهم لمعرفتهم بمعانيها ودلالاتها الكبيرين ،وكأن الشاعرالعباسي ابن المعتز قد عنى ضخامة هذه الحشود وهو يصف موكب تشييع ابن عباسقبل عدة قرون بقوله :
(قد ذهب الناس ومات الكمال× وصاح صرف الدهر اين الرجال
فهذا ابن عباس في نعشه× تعالوا انظروا كيف تمشي الجبال).
- ثالثا: انه كلما اشد ضده عليه الحصار الإعلامي وتكالبت عليه حيل الساسةومخادعتهم واستعرت بوجهه آلة الدعايات التي تستهدف صورته السلمية وتشوهوتشنع بنضاله السلمي كلما اكسبه ذلك ثقة بالنفس وقويت شوكته وحصن جسده بمصلالوعي والحذر من هذا الفيروس الخبيث. بالمجمل المفيد نقول انها ثورة(كلما حُــوربت اشتدت ولكما حُـوصرت امتدت ).
فهل رأيتم مثل هكذا شعب ينحت بأظافره في صميم الصخر كي ينبجس منها شعاعالحرية والانعتاق برغم ما يطبق عليه شذاذ الآفاق من الجهات الأربع وبرغمتشتت من يعتبرها قياداته؟. بل ان العملية تأخذ لها شكل التناسب طردي أي انهكلما تكالبت عليه الخصوم وعصفت بوجهه الانواء واشتدت كلما اشتد عوده وقويتشكيمته. اليس هذه صفات تتفرد بها الثورة الجنوبية دوناً عن باقي الثوراتبالمنطقة؟.
- صديقي الإصلاحي هذه المرة وبرغم انني التمس له العذر حين عبس وجهه وتجهم،وهو يرى العاصمة عدن مساء يوم الخميس وطوال يوم الجمعة الماضيين تتحول الىبحر بشري متلاطم رسمت في عدن ،ناهيك عن المهرة الى حضرموت وعتق وتبن حتىسقطرى أروع وابهى الصور التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا.
وإن كان(الرفق بالجاني عتابُ) كما يقول المتنبي إلا انني لم التمس العذرلصديقي الإصلاحي المتشدد وهو يغلط بلسانه الحاد كعادته حين وصف هذه الحشودالمليونية بعموم الجنوب بـالضآلة التي اخطأت طريقها.! و صديقي هذا الذييقول مزهواً انه من محافظة الجوف وتحديدا من منطقة( برط) أي من نفس منطقةالشهيد الزبيري الذي يكرر لي دائما اشعاره الثورية فلم اجد له ردا افضل منان اذكّــره وهو يصف الشعب الجنوبي بانه قد أخطأ طريقه بالبيت الشعريللزبيري :
( هو الشعب حقٌ مشيئاتهُ× صوابٌ ورشدٌ خطيئاته)
وحينسالته:(ان كان الزبيري الذي تعتبره ملهمك الثوري وتتخذ من اشعارك مصدرودليل محاججة قد التمس العذر للشعب بالشمال ان يخطأ وهو يخوض نضاله بوجهالطغيان بل انه -أي الزبيري- قد جعل من خطأ الشعب الشمالي رشدٌ وصواب بلوذهب الى ابد من ذلك حين جعل حق الشعب (مشيئة) ؟! فكيف يكون لك أنت ياصديقي ان تصادر هذا الحق على الجنوبيين وقد اجاز هذا المبدأ أبو الأحرارالذي طالما جعلته مرجعك الأول والأخير، هذا على افتراض ان الجنوب يسدر فيالخطأ كما تزعم؟ (مالكم كيف تحكمون؟).! وكعادته صديقي وعندما تحاصره بالحججوتدمغه بالحقائق يشد لحيته الصغيرة الأنيقة إلى الأسفل ثم يختصر الحديث للصلاة وان كان بغير موعدها.!
- خلاصة : ان الحشود الجنوبية الضخمة التي سيّـرها الجنوبيون بالأيامالماضية احتفاءً بعيد الاستقلال والتي بعث من خلالها رسائل قوية لم يسبقلها مثيل من حيث العدد والتنظيم لمن يعنيهم الأمر سوف تثر حنق وغيض الخصوموسيعمدون الى العمل بالضد كما درجوا عليه في مثل هذه الحالة وان كان هذهالمرة الوضع اشد ثقلا وايلاما عليهم.! وعليه فإن الاسترشاد بالعقل والتسلحبالوعي ورص الصف هو السلاح الامضى لمجابهة هذا التحدي ،ولتقليم هذه الأظافرالناشبة ونزع هذه الانياب المكشرة بوجه الشعب الجنوبي وثرته السلمية،فالعقل يُهَابُ ما لا يُهابُ السيف.!
-( مثل أسباني:( ما أعظم النصر الذي يتم دون إراقة دماء).