عندما سيصل عنوان هذا المنشور الى الأصدقاء في قائمتي والمتابعين لصفحتي هذه .. الشماليون سيتبادر الى ذهنهم شي اخر وبعضهم سيقول الحمدلله الرجل رجع له عقله وعرف ان حلم استعادة دولة الجنوب كان وهما ، ومع الايام اقتنع انه ما في حاجة اسمها جنوب ، وانه خلاص الحل ان نعيش مع بعض بعد ان رحل نظام صالح ونصحح الوحدة ونقيم دولة مدنية حديثة ..
الجنوبيون سيقولوا وبمجرد قرأة العنوان " الرجال قلب والله يفتح عليه ، الرجال قبض وقده وحدوي ، وبعضهم ومن قرحة القات سيقول قلنا لكم الذي يطلع صنعاء يمسحوا لقفه بالفلوس وشوفوا قده يتكلم ( وحدتنا قوتنا ) وأمس يقول انه مع تقرير المصير .
للأسف نفسيات اليمنيين شمالا وجنوبا صارت خطيرة ومتناقضة ولا تبشر بخير او حتى بصيص أمل على ترميمها ، الوحدة لدى الشماليين صارت مقدسة مع انهم كانوا في سبات عميق ولا علاقة لهم بها قبل إعلانها في ٢٢ مايو ١٩٩٠ .. صارت مقدسة شمالا بالتهييح والتضليل بان اليمن دولة واحدة ، وان اي حديث عن فك الارتباط او تقرير مصير الجنوب هو خيانة لا يمكن القبول بها ، خاصة وان الوحدة تعني عند الأغلبية من الشماليين اما فيد او فرص عمل في الجنوب .. ولدى الجنوبيين الوحدة صارت خيانة للجنوب وان من ينادي بها يغرد خارج السرب .
الجنوبيون وحدهم من ذاق مرارة الوحدة وقهرها ، ووحدهم من دفع حياتهم وهم ينشدونها ويرددون شعار الوحدة قدرنا ومصيرنا وسنناضل من اجل تحقيقها .. كره الجنوبيين للوحدة ليس لكرههم لأبناء الشمال ، بل لمن اغتصب الوحدة وحولها الى احتلال للجنوب من ١٩٩٤ وحتى اليوم ..
الجنوبيون وحدهم من دفع ثمن مغالاتهم في تقديم الغالي والنفيس من اجل الوحدة ، واليوم يدفعون الغالي والنفيس من اجل الخلاص منها .. وحدهم الجنوبيين من دفع ثمن الكابوس الوحدوي ، ووحدهم من ذاق مرارة الاهانة والذل باسم الحفاظ عليها وما تزال هذه الممارسات حتى اليوم..
ولهذا مفهوم كلمة الوحدة صارت تحمل معانٍ مختلفة لدى المواطن في الشمال وفي الجنوب ، وأقول هذا من معايشتي على الواقع في مفهوم كل طرف للوحدة الذي اعتقد انه لم يعد لهذه الكلمة من معنى في الجنوب ، وصارت الوحدة عبارة عن كذبة تردد في الشمال ومرفوضة في الجنوب عند الغالبية العظمى بشكل دقيق.
عنوان منشوري اردت من خلاله التأكيد على هدف غير ما يدور في العقليتين ، وأردت توضيح بعد هذا الاستهلال ان انتصار القضية الجنوبية على الصعيد السياسي الدولي والإقليمي لن يتحقق الا بوحدة حقيقية بين الجنوبيين قيادة وقاعدة ..
وحدة القيادة ووحدة الرؤية هي السبيل الوحيد لجعل من قضيتنا هي قضية شعب تعبر عنه قيادة واعية وتحمل ثقة الشارع الجنوبي ، ضرورة وصول الغالبية العظمى من ابناء الجنوب الى ان الوحدة القائمة أو مشروع الاقلمة وتقسيم الجنوب امر غير مجدي البتة ومرفوض من قبلهم ، خاصة النخبة الجنوبية والمثقفين ومن يتعاطون العمل السياسي ، لا الذين يستثمرون القضية لمكاسبهم الشخصية وهم الأخطر على قضيتنا وعلى بقاء الوضع غير مستقر سياسيا..
العالم يهمه الأمن والاستقرار وهذا ما ينشده الجنوبيين ايضا وعبر تسوية عادلة يكون لهم الكلمة الفصل في تقرير مصيرهم ومستقبلهم السياسي .. من يقول غير ذلك اما انه واهم او ان قرأته لما يجري في الجنوب ضحلة او مضللة للداخل والخارج على حد سوا.
* السياسي والكاتب لطفي شطاره