فخامة الرئيس : اجتماع مجلس الأمن القادم ليس الأخير

2014-01-19 12:11

 

 

لماذا قدرنا نحن اليمنيون أن نفسد كل جميل, أن نفشل كل نجاح, أن نُضَيِع جهود أشهر في أيام معدودة.

 

كانت أيام الحوار صعبة, وبذل الجميع جهود جبارة كل على نيته, وخرجت فرق العمل بقرارات قد تبني لنا مدينة فاضلة, وان كانت نظرية, لكنها أساس تشريعي وقانوني وحقوقي مثالي, عندما يقرر المتحاربون التوقف عن القتال سيجدون وثيقة جاهزة لتطبيقها.

 

مشت الأمور على ما يرام لأشهر, مع بعض التجاوزات الشكلية التي لا تؤثر على المضمون, حذرنا في وقتها أن تلك التجاوزات قد تجرنا الى خروقات تؤثر هذه المرة على المضمون, وتفقد الحوار شرعيته, وفعلاً وصلنا الى تلك النتيجة.

 

لم أكن أتصور أن تصل الأوضاع الى هذا الحد الذي نربط فيه مصير اليمن ووحدته الجغرافية والوطنية باجتماع مجلس الأمن المقرر يوم 28 يناير الحالي, لم أكن أعتقد أن يرتكب رئيس الجمهورية وهيئة رئاسة الحوار وأمانة العامة كل تلك المُخالفات الجسيمة في الأيام الأخيرة ليتمكنوا من عرض وثيقة الحوار على تلك الجلسة, وكأن الحوار عُقد لحل مشكلة داخل مجلس الأمن بين أعضائه, أو أن جلسة مجلس الأمن هي الأخيرة وسيُحل المجلس بعدها..

 

فخامة الرئيس: شرعية مؤتمر الحوار تنبع من مدى التزامه بنظامه الداخلي وليس من جلسة مجلس الأمن, ان تمرير المخرجات بتلك الطريقة الهزلية الكوميدية والتي تُخالف وبشكل واضح النظام الداخلي سيكون مدخلاً للطعن في كل مخرجات الحوار, وسيؤدي الى معارضة قوية لوثيقة الحوار, وسيجمع أطراف كثيرة ضد الحوار مع أنها مٌختلفة في الأهداف.

 

أنتم تعطون المبرر للزنداني وأمثاله للتشكيك في شرعية المؤتمر, له أسبابه الخاصة المرتبطة بالسماء مباشرة, ولنا أسبابنا الخاصة المرتبطة بالواقع على الأرض, لكننا قد نظهر في صف واحد ضد الحوار بفضل فخامتكم وبفضل رئاسة المؤتمر وأمانته العامة.

 

القضايا الخلافية لا تستحق كل ذلك الخوف ولا تستدعي كل تلك العجلة القاتلة, الخلاف ينحصر حول ضمانات الحوار وتمريرها بطريقة غير قانونية وذلك عندما صادقتم عليها مُنفردين دون أخذ موافقة رؤساء المكونات كما ينص عليه النظام الداخلي, بل ويشترط أن يكونوا مفوضين كتابياً من مكوناتهم, والموضوع الثاني هو تفويض فخامتكم بتشكيل لجنة تحديد الأقاليم حيث أنه لم يطرح للتصويت ولم تعرف نسبة التوافق التي حصل عليها, وهذا قد يكون مطعناً ضد أي قرار تتخذه اللجنة في المستقبل.

 

بإمكانك اعادة الموضوعين الى مؤسسات المؤتمر المعنية, اترك القوى السياسية تتصارع وأنت حاول الاصلاح والتوفيق دون أن تتعصب مع طرف ضد آخر.

قد يتم تمرير تلك القضايا بمساوئها, لا مشكلة في ذلك, لأنها مررت على الأقل بطريقة شرعية, وسيتمكن كل طرف من تسجيل موقفه للتاريخ.

 

كل ما نريده هو أن تكون البداية صحيحة وقانونية لتأسيس الدولة القادمة, لا نحلم بتمرير كل ما نريد, نعرف أننا أمام حوار ومصالح متناقضة.

 

هناك قصة من المُناسب ذكرها هنا: خلال الحرب العالمية الثانية رفعت قضية في بريطانيا ضد قاعدة جوية من أهالي المنطقة, وتحصلوا على حكم قضائي بنقل القاعدة بسبب ما تسببه من ازعاج, رفض قائد القاعدة تنفيذ الحكم على اعتبار أن الحرب مُشتعلة والقاعدة تساهم في المجهود الحربي للدفاع عن بريطانيا, ونقلها خطر لعدم وجود البديل ولصعوبة انشاء قاعدة جديدة, وصل الموضوع الى "تشرشل" رئيس وزراء بريطانيا السابق فقال لقائد القاعدة "خيراً لبريطانيا أن تُهزم في الحرب على أن يقال أنها لا تلتزم بأحكام القضاء" وأمره بإخلاء القاعدة فوراً.

 

احترام القانون والأنظمة الداخلية لكل المؤسسات هو الضامن الأول والأخير لتأسيس يمن جديد.