لم يكن مقتل الشيخ سعد مقدّم قبائل الحموم سبباً في خروج الحضارم في هبة شعبية عارمة , تجاوبت أصداءها تأييداً و مشاركة , أصقاع الجنوب قاطبة .. لا . و ألف لا .. لسبب واحد بسيط : أن حضرموت قد تجاوزت عصر كليب الجاهلي , بسنوات ضوئية عديدة ..
قد يكون هذا آخرها , و سوف تكون إن شاء الله , فقد سبق ذلك كوكتيل من مجازر و مظالم ,.. منذ أول شهيدين سقطا من أجل إيقاف عجلة الظلم و التعسف و الاستبداد : بن همام و بارجاش .. فدماء شهدائنا كلها زكية , مضيئة , على طريق التحرر و الاستقلال .
و ما كان لها – أي الهبة - أن تنجح هذا النجاح الفذ , وتنمو هذا الزخم الثوري منقطع النظير .. لولا المناخ الملائم , و التربة الصالحة لذلك .
و مهما حاول بعضنا - تعصباً أو تحسساً أو ...- فلن يستطيع إنكار دور الحراك السلمي أو الثورة السلمية الجنوبية في تلك التهيئة , و خلق الظروف الذاتية و الموضوعية لإنضاج الهبة الشعبية المباركة , و إخراجها قوية فتية ..
فلم يركب الحراك موجة الهبة أو قطارها , لأنه سبق الهبة بسنوات من القتل و السجن و العناء , و بحار من الدماء , و قوافل من الشهداء , و مليونيات من التضحيات و الفداء , و مطالب تدرجت من الألف إلى الياء , إلى أن بلغت عنان السماء .. التحرر و الاستقلال و استعادة الدولة و التنمية و النماء .. و ما الحراك اليوم إلا مكون واحد من مكونات الهيئة التنسيقية .. فلم كل هذا العداء ؟؟!!!
منذ أول يوم في مؤتمر نحب , و لم يستوعب البعض أن هناك هبتين , لا تعارض بينهما أو تناقض , كما يصور البعض .. و أن لكل هبة مطالب أو سقف كما يقولون , أعلاها التحرر و استعادة الدولة .. فسقف المطالب قد تجاوزه الحراك و ثورته السلمية بسنوات , تلك المطالب الحقوقية اليسيرة , من وظائف و عودة عسكريين , كانت تصطدم دائماً بغرور المتنفذين و استبدادهم ..
شخصياً أرى : أن لا تعارض بين هذه المطالب ؛ لأن حلف القبائل سيصطدم أيضا بصخور المتنفذين , ليجد نفسه أمام مطلب واحد لا خيار بعده , هو استعادة الدولة , و أي دولة ؟! دولة النظام و القانون و الهيبة .. فعهد الترميم و الإصلاحات و الالتفاف قد انتهى ؛ لأنهم كشفوا أوراقهم مبكراً , و أذنابهم هنا لا يستطيعون تحريك ( خوصة ) .. يكفيهم أن يتحركوا هناك في صنعاء و في فضائياتها .. آخر ما في جعبتهم اليوم , محاولات يائسة لفض شمل الهبة , و التباكي بموال حزين على مستقبل أبنائنا الذي ضيعوه عاماً كاملا تحت شعار : لا دراسة و لا تدريس حتى ( نحصّن الرئيس ) !!!!!!!!!.
لقد فاتكم القطار الآن , لأنه فعلاً , مضى قطار الهبة ,لا يلوي على شيء , قاطعاً الفيافي و القفار , صاعداً الصخور و الجبال ... و لن يعود إلا محملاً .. لا بمطالب حلف قبائلنا وحدها , ولكن بالحرية و العزة والكرامة و سيادة النظام و القانون , في دولة يتساوى فيها الجميع .. أكرر : الجميع ..