( كنتُ أدري ..
ما على ردفان يجري ..
كنتُ أدري ..
أن إخواني و أهلي ..
أذرعٌ تحتضن النورَ و أرواحٌ تصلي ..
في طريق الراية الخضراء و الشمس الأسيرة ..
وربيعٍ ذات يومٍ كان في شبه الجزيرة ..
ترضع الدنيا شذاهُ و عبيره ....)
ستة وأربعون عاماً مضت على رحيل آخر جندي بريطاني ,
و أكثر من نصف قرن من الزمان , على الشاعر عبده عثمان , وهو يعلم ما يجري و يعتمل على جبال ردفان .. و على الرغم من كل ذلك , مازالت الحكومات العربية تعلق فشلها في إدارة الدولة و توجيه دفة سفينتها إلى بر الأمان , على شماعة الاستعمار و أعوانه ..
فهو سبب في تخلفنا و فسادنا , و سبب في فشل التعليم و الرياضة و في هزائم منتخباتنا , و جفاف الآبار و المعايين .
أكثر من خمسين عاماً و شعوبنا العربية تعيش تحت تأثير خدر الثورات , لتصحو منه على دوي ثورات جديدة , تدعو إلى الحرية و الكرامة و الانعتاق و .. و ترفع شعارات قديمة جديدة , أو جديدة قديمة ..
أ بعد أن وهن الوطن و اشتعلت الأحلام شيبا ؟؟!! أبعد هذا العمر المديد في
عسل الثورات أو وهمها , تشتعل الثورات الجديدة من جديد لترمم أو تدك
القديمة ؟؟ و تبرز على أنقاضها شماعة جديدة ــ بعد إحالة القديمة على المعاش ــ
تتحمل كل الأخطاء الجديدة , اسمها بقايا النظام .
فأول مشروع للحكومات العربية الجديدة , هو بناء و إقامة هذه الشماعة , و بقدرة تحمّل كبيرة , تتحمل حتى الزلازل و الأعاصير .
فحين انتصرت الثورات , و أعلنت شقيقاتها العربيات استقلالهن , بين عقدي
الخمسينيات و الستينيات , تنفس الفلسطينيون الصعداء , و تأملوا في القادم
خيرا , و أنه لن يمضي يوم و ليلة إلا و يكون حالها كحالهن ..
لكن الأيام تمضي و الليالي , و لا جديد تحت شمس العرب , إلا الشجب و التنديد و الإدانة .. وتجد أخواتها قد انشغلن عنها بصراعات جانبية , و قضايا هامشية .. و اليوم بثورات ربيعية جديدة .
و من يدري يا فلسطين , فقد تحتاج الثورات إلى ثورات , و الحكومات إلى
شماعات و ليس في الإمكان أبدع من الشجب و الاستنكار والإدانات .. فصبراً فلسطين !!!