على أصدقاء اليمن مساعدة الجنوبيين على حق تقرير المصير
حسن علي كرم
لا حل ولا استقرار في ظل الإصرار على تجاهل مطالب أبناء الجنوب بالدولة المستقلة
من المؤمل بعد ايام قليلة ان يُدشن مؤتمر الحوار الوطني اليمني في العاصمة اليمنية صنعاء، هذا المؤتمر الذي ينتظره اليمنيون ويجهز له منذ الاطاحة بالرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وتولى نائبه عبد ربه منصور هادي الرئاسة، وقد تشكلت لجنة برئاسة مستشار رئيس الجمهورية عبدالكريم الارياني للتحضير للمؤتمر وتتولى السيدة امل باشا المنسقة العامة والمتحدثة الرسمية للمؤتمر، وستحضر المؤتمر دول المبادرة الخليجية، وجمال بن عمر ممثل الامين العام للامم المتحدة.
المؤتمر في تصوري مهم بالنسبة لليمن، وهو يأتي استجابة للمبادرة الخليجية التي نجحت في تخلي علي عبدالله صالح عن الرئاسة، على الاقل شكليا حيث مازال الرجل محافظا على نفوذه السياسي والامني في اطار مؤسسة الحكم، كما مازال محتفظا بالوجاهة والمراسيم البروتوكولية فضلا عن احاطة نفسه بسياج اعلامي يتشكل من قنوات تلفزيونية وصحافة ورقية مثل فضائية (اليمن اليوم) وقناة (آزال)..!!
وعلى الرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها حكومة عبد ربه منصور هادي بغية دفع عجلة الاستقرار الامني والسياسي والبدء في خطط التنمية، لكن تصطدم تلك الجهود بالكثير من العوائق لعل اهمها واخطرها الانفلات الامني والنفوذ القبائلي، والانقسام المناطقي فضلا عن التخلف الاداري ووجود عناصر تنظيم القاعدة المؤثر والمقلق والذي يتهم علي عبدالله صالح برعايته، فضلا عن دوره في تسهيل دخولهم لليمن خاصة للشطر الجنوبي الذي يناضل ابناءه من اجل تحرير بلادهم وفك ارتباطها عن الشمال بعد وحدة فاشلة وغير متكافئة.
ان اليمن امامه طريق طويل وشاق حتى يتخلص أو يتشافى من اوجاعه المزمنة ويلحق بركب الدول الناجحة، ولعل استضافة بعض الخبراء الدوليين من امثال رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد في صنعاء بغية وضع تصور سليم للقاعدة الاقتصادية المأمولة لا شك بأنها الخطوة الاولى من رحلة الالف ميل المضنية والشاقة، غير ان معضلة اليمن لا تنحصر في الاقتصاد المتخلف والمعطل أو بالعجز المالي، فاليمنيون في الداخل واليمنيون في الخارج بما يملكون من الاموال والخبرة يستطيعون لا ان يغطوا العجز المالي للدولة وانما يوفرون قاعدة مالية واستثمارية ضخمة ومستدامة وتشغيل الملايين من الشباب العاطل، فاليمنيون تجار بالفطرة وصناع بالفطرة ولهم تاريخ ضارب بالاعماق في التجارة والترحال.
ان اليمن يستطيع ان يحل مشاكله دون الحاجة الى المبادرات أو الاستعانة بأصدقاء خارجين، غير ان ذلك لن يتحقق الا اولا: الاعتراف بوجود مشاكل وثانيا تحديد المشاكل وثالثا حل المشاكل حتى لو تحقق الحل ببعض التضحيات والتنازلات، فتوفير الامن والاستقرار اهم من الاصرار على اخطاء تاريخية قاتلة مثالا على ذلك القضية الجنوبية، وهي قضية لن تحل ولا اظن ان اطار حلها يكمن في مؤتمر الحوار الوطني المقبل، فهذه القضية، بل لعل مسؤولية عبد ربه هادي عزلها عن حوارات المؤتمر، وحلها كمسألة منفصلة وخاصة في اطار الدولتين وضمن التسوية وفقا للقوانين الدولية على اساس الاعتراف بالدولة الجنوبية وفك الارتباط، فالجنوبيون لن يتخلوا ولا هناك من القيادات الجنوبية في الداخل والخارج يؤيد وحدة اليمنيين في ظل النضال والتضحيات ودفع الارواح الشابة في سبيل الاستقلال والتحرير، ولعل من وحد الفصائل الجنوبية ووحد كلمتها هو التصريحات الاستفزازية والتهديدات غير المسؤولة التي اطلقها صادق الاحمر شيخ مشايخ قبائل حاشد والتي هدد الجنوبيين بالحرب ان هم قاطعوا مؤتمر الحوار، بل لعل تصريحات الاحمر وغيرها من التصريحات الاستفزازية قد ساهمت حتى بسقوط خيار الفيدرالية وتأييد فك الارتباط، فاللقاءات الاخيرة التي تمت في بيروت بين الثلاثي البيض وعلي ناصر وحسن باعوم ومن ثم لقاء القاهرة لم يكن ليتم لولا تهديد صادق الاحمر وتجاهل صنعاء بحقيقة القضية الجنوبية وعزلها عن الحوار الوطني اليمني.
لعلي استطيع ان ازعم، انه لا حل ولا اقتصاد واستقرار لليمن السعيد في ظل الاصرار على تجاهل ارادة ابناء الجنوب وتحقيق مطالبهم بالدولة المستقلة وللدلالة على ذلك انقل هنا بعض العناوين لتصريحات اخيرة للقيادات الجنوبية.
- علي سالم البيض: «لا نعترف بحوار مع صنعاء الا في اطار ندي بين دولتين».
- حيدر أبو بكر العطاس: «أي استفتاء شعبي في الجنوب حول الوحدة سيكون ضدها بالاغلبية».
- علي ناصر محمد: «الوحدة اليمنية تحولت من حلم جميل الى كابوس مفزع وكراهية..».
- عبدالرحمن الجفري: «القضية الجنوبية بحاجة الى مبادرة خاصة بها تحقق خيارات الجنوبيين».
- القيادي في الحراك احمد عبدالله الحسني يكشف عن مؤامرة لتقسيم أبين ويطالب الجنوبيين بالوقوف صفا واحدا ضد المشاريع المشبوهة.
- الزعيم حسن احمد باعوم وهو في طريقه الى القاهرة حيث يدلي بالتصريح التالي «.. وانا اغادر في هذه اللحظات وطني المحتل لا هم لي سوى ان نجتمع على كلمة سواء والكلمة الفصل سطرها الشهداء بدمائهم الزكية احمل بعضها على جسدي وما زالت روائحها تفوح مني ووصايا امهات الشهداء ترن في اذني».
عندما تنتظم حلقات الحوار اليمني على اصدقاء اليمن والمساهمين بالمبادرة الخليجية ان يعترفوا ان الجنوب قضية منفصلة عن هموم الشمال، ولعل اول ما ينبغي عليهم عمله هو مساعدة الجنوبيين على تقرير مصيرهم فلا امن ولا استقرار ولا تنمية تتحقق في اليمن دون حل القضية الجنوبية اولا، اما التعلل بالتغلغل الايراني في الجنوب فذلك اذا صح لم يكن ليحدث لولا اصرار صنعاء على تجاهل فك الارتباط ولولا جحود الجوار اليمني وتجاهله للجنوبيين الذي اوصد كل ابواب المساعدة والحلول عليهم.
ان الجنوبيين اصحاب قضية ومن حقهم ما دام تجاهل ذوي القربى لهم ان يلجؤوا حتى الى الشيطان لطلب المساعدة، وايران هو ذلك الشيطان الذي فتح ذراعيه للجنوبيين، ومن يرد انتشال الجنوبيين من براثن الشيطان فعليه مساعدتهم وجلبهم الى جنته الغناء.