سفيرٌ يمنيٌّ وطنه الحقيقي بطاقة حزبه.. تحويل السفارة من ممثل للدولة إلى مكتبٍ حزبي
شبوة برس – خاص
تثير السلوكيات الأخيرة للسفير اليمني في ماليزيا، عادل باحميد، موجة واسعة من التساؤلات حول حدود العمل الدبلوماسي بعد أن بدا واضحاً أن الرجل يُدير السفارة بعقلية حزبية خالصة، ويحوّل مؤسسة سيادية إلى منصة تمثّل تياراً تنظيمياً بعينه، لا الدولة اليمنية بكل أطيافها. ويوثق محرر شبوة برس في هذا التقرير خلفية ضرورية لفهم هذا النهج، تعود إلى إبريل 2015 حين كان باحميد محافظاً لحضرموت وترك المدينة للفراغ الأمني حتى سقطت بيد تنظيم القاعدة، قبل أن تحررها قوات النخبة الحضرمية بدعم إماراتي في إبريل 2016.
استقبال باحميد داخل مبنى السفارة لقيادات "جمعية الوصول الإنساني" – الاسم الجديد لجمعية الإصلاح – لم يكن استقبالاً بروتوكولياً عابراً، بل بدا تكريساً صريحاً لحضور التيار الحزبي داخل مؤسسة الدولة. فمهما تغيّر الاسم تبقى الجمعية الذراع الرئيس لحزب الإصلاح اليمني، واستقبالها بهذه الحفاوة داخل سفارة يفترض أنها مؤسسة وطنية محايدة يعدّ انتهاكاً لمبدأ الحياد وشكلاً من أشكال المصادرة الحزبية للتمثيل الرسمي.
وتزداد خطورة المشهد حين يوضع في سياق ممارسات أخرى للسفير نفسه، إذ لم يكتفِ باحميد بمنح الجمعيات الحزبية غطاءً رسمياً، بل استخدم هو نفسه إمكانيات السفارة لتشغيل "مبادرة رياحين" التابعة له، مقدماً الحساب الرسمي للسفارة كوعاء لجمع تبرعات مالية خلال فعاليات نُظمت باسم اليمنيين وبرعاية السفارة. وهذا التجاوز لا يمثل خطأً إدارياً عابراً، بل اعتداءً صريحاً على القانون وتشويهاً للوظيفة الدبلوماسية، وتحويل السفارة إلى صندوق جباية حزبية يفتقر للشرعية والشفافية.
ومنح الكيانات الحزبية شرعية رسمية عبر السفارة يشكل إضراراً مباشراً بسمعة اليمن أمام الدولة المضيفة، ويجعل البعثة الدبلوماسية تبدو كما لو كانت مكتباً إدارياً لحزب سياسي، لا ممثلاً لدولة. هذا الخلط بين الانتماء الحزبي والصفة الرسمية يطيح بأساس الثقة التي يفترض أن تقوم عليها خدمة الجالية، ويشوّه صورة اليمنيين ويضعف موقع الدولة القانوني والأخلاقي في الخارج.
السفارة جهاز سياسي وقنصلي، لا جمعية خيرية ولا مكتب خدمات حزبية ولا صندوق تبرعات. وعندما يتصرف السفير كناشط تنظيمي، وتتحول المؤسسة السيادية إلى منصّة لتمرير أجندات حزبية مغلّفة بغطاء إنساني، فإن ذلك يعني تعطيل وظيفة التمثيل الرسمي وانحدار قيمة الدولة أمام المجتمع الدولي.
العمل الإنساني فعل مشروع ونبيل، لكنه يصبح خطراً حين يُستخدم كغطاء حزبي أو وسيلة لشرعنة نفوذ تنظيم داخل مؤسسة الدولة. المشكلة ليست في وجود الجمعيات أو المبادرات، بل في تحويل السفارة إلى ملاذ حزبي يمنح هذه الكيانات شرعية لا تستحقها.
وبقاء هذا النهج دون مساءلة يمثل تهديداً واضحاً لهيبة الدولة اليمنية ولطبيعة عمل بعثاتها الدبلوماسية، ويستدعي مراجعة عاجلة وإعادة ضبط فورية قبل أن تتحول السفارات إلى أذرع حزبية تبتلع ما تبقى من مؤسسات الدولة وتشوّه ما تبقى من صورتها.