اليمن المنكوب والسر في لغز الدونمة

2025-11-04 13:14

 

سر نكبة اليمن وُضعت بذوره منذ توغل زئيف السبتي في منتصف القرن السابع عشر، ويكمن جوهره في النخب السياسية اليمنية نفسها، إذ تتكون الطبقة السياسية في اليمن من مجموعة كبيرة ومؤثرة متحدرة غالبًا مما يسمى بـ"اليهود المرتدين" (الدونمة).

 

حاول المحفل الصهيوني تأسيس مذهب اليهود المرتدين في منتصف القرن السابع عشر على يد زئيف السبتي (المنقذ)، الذي وصل إلى صنعاء وأسس جيش "الفرقة الأولى حرافيش" في منطقة أسماها "بيت بوس" بصنعاء، وما زالت تحمل الاسم حتى اليوم. اكتشف الإمام المتوكل على الله القاسم المؤامرة، وقضى على معظم قادتها، فيما هرب سبعة منهم إلى وادي أبو جبارة في بيشة، وفي هؤلاء (الشمعدان) سر الأسرار.

 

بعد الاحتلال العثماني الثاني عادوا إلى صنعاء وتعز، بينما تم إعدام زئيف بعد القبض عليه متنكّرًا في تعز أثناء توجهه إلى ميناء المخاء. جمع الإمام اليهود في المخاء معلنًا طردهم من اليمن، لكن دولة الخلافة منعته من ذلك وطالبته بعدم التعرض لهم، إلا أن الإمام أصر على ترحيلهم، فجاءت الحملة العثمانية الثانية وجيشها المكوّن في غالبيته من الدونمة فاحتلت اليمن.

 

ومنذ ذلك الحين أصبح الاختراق الصهيوني لليمن واسعًا ومتحكمًا، وتتحدر من جذوره معظم الطبقة الحاكمة التي ارتهنت نفسها للدول الخارجية، فكل تيار سياسي ارتبط بجهاز مخابرات يموله دون أن يُطلب منه عمل شيء.

 

بعد احتلال الجنوب وتغيير اسمه بمؤامرة قذرة، بسبب المد القومي الثوري، من الجنوب العربي إلى جنوب اليمن، ومن نظام اتحاد سلطنات وإمارات الجنوب العربي إلى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في 30 نوفمبر 1967، ثم دخوله الوحدة في 22 مايو 1990، وصولًا إلى حرب الشمال على الجنوب واحتلاله في 7 يوليو 1994، بدأت الأجهزة المخابراتية الدولية تعبث في اليمن عبر عملائها.

 

لكن الغلبة في اليمن ظلت للموساد وأذرعه حتى اليوم، وسيبقى اليمن، كهوية وطنية وسياسية، عرضة للعبث الصهيوني والدولي، حتى يُعاد ترتيبه على غرار ما جرى في الشام. ولن يتحقق السلام في اليمن والجنوب العربي إلا بتصحيح الأخطاء الجسيمة التي حدثت في ستينيات القرن الماضي، وهي الأخطاء التي لم يقترب أحد من معالجتها حتى الآن.

 

الباحث/ علي محمد السليماني