صفحات سوداء من تاريخ الرفاق.. كيف اغتال الماركسيون هوية الجنوب العربي

2025-10-25 17:52
صفحات سوداء من تاريخ الرفاق.. كيف اغتال الماركسيون هوية الجنوب العربي
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

شبوة برس – خاص

عاش الجنوب العربي خلال فترة حكم تنظيم الجبهة القومية ووريثه الحزب الاشتراكي اليمني واحدة من أحلك المراحل في تاريخه الحديث، مرحلة وُصفت بأنها لا تقل قسوة وسوداوية عن عهد ستالين في الاتحاد السوفييتي، لما شهدته من سفكٍ للدماء، ومجازر، وحملات سحلٍ واعتقالات وإخفاء قسري لآلاف من أبناء الجنوب من رجال الدين والسياسة والجيش والأمن والتجار وشيوخ القبائل والسلاطين، لا يُعرف حتى اليوم مصير كثيرٍ منهم أو أماكن دفنهم، ومنهم من أُلقي أحياء في آبارٍ مهجورة.

 

محرر "شبوة برس" يعيد التذكير بما حدث من جرائم في تلك السنوات التي أعقبت استقلال الجنوب العربي، تحولت عدن وبقية المحافظات إلى مسرحٍ لصراعات دموية بين رفاق الحزب أنفسهم، إذ تقاتلت الأجنحة الماركسية على السلطة والنفوذ، وسط هيمنة فكرية وافدة غيّرت هوية الجنوب العربي العروبية، وطمست ملامحه الثقافية لصالح هوية يمنية دخيلة فُرضت بالقوة وتحت شعارات أممية زائفة.

 

ومن بين تلك الصفحات المظلمة ما جرى داخل أروقة الحزب الاشتراكي نفسه، حين تكشفت مخططات سرية لاغتيال وزير الدفاع آنذاك المقدم علي أحمد ناصر عنتر، تورط فيها قيادات بارزة مثل عبدالفتاح إسماعيل، ومحسن الشرجبي، وعبدالعزيز عبدالولي، بتنسيق مع ضباط في أمن الدولة وسلاح الجو. غير أن الاستخبارات العسكرية الجنوبية اكتشفت المؤامرة وأحبطتها قبل التنفيذ، واعتقلت المشاركين فيها.

 

على إثر ذلك، جرى نفي عبدالفتاح إسماعيل إلى موسكو، والشرجبي إلى إثيوبيا، وعبدالعزيز عبدالولي إلى ألمانيا، بعد وساطات من قيادات روسية وفلسطينية ولبنانية تدخلت لتجنيبهم المحاكمة. لكن مسلسل الصراع لم يتوقف، إذ حاول المنفيون لاحقًا تدبير انقلاب سياسي لإعادة عبدالفتاح إسماعيل إلى قيادة الحزب، قبل أن تُكتشف الخطة مجددًا وتُعاد المواجهة إلى مربع الدم والخيانة.

 

تلك الحقبة الماركسية تركت جروحًا عميقة في ذاكرة الجنوب، ودفعت أثمانًا باهظة من تاريخه وهويته واستقراره. وما زال الجنوبيون يتذكرونها كزمنٍ أسود غيّر ملامح وطنهم، وفتح الباب أمام مشاريع التبعية والضم والطمس التي ما زال الجنوب العربي يعاني تبعاتها حتى اليوم.