لسنا كوريا الجنوبية

2025-10-25 07:20

 

ولم يكن حالنا مع جارتنا اليمنية حال ألمانيا الشرقية مع شقيقتها الغربية، فالكوريتان كانتا كوريا واحدة، ومثلهما الألمانيتان الغربية والشرقية كانتا بلدًا واحدًا تم تجزئتهما من قبل الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية عام 1945، حيث تم تقسيم ألمانيا إلى أربع مناطق احتلال هي:

1- المنطقة الأمريكية تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية.

2- المنطقة البريطانية.

3- المنطقة السوفييتية.

4- المنطقة الفرنسية.

 

وفي عام 1949 تم دمج المناطق الأمريكية والبريطانية والفرنسية لتشكيل جمهورية ألمانيا الاتحادية (ألمانيا الغربية)، أما المنطقة التي سيطر عليها السوفييت فصارت جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية).

وبعد خمسة وأربعين عامًا من تقسيم ألمانيا استعادت وحدتها في أكتوبر عام 1990، أي بعد 41 عامًا من تشكيل الجمهوريتين الألمانيتين الغربية والشرقية.

 

ولقيت كوريا، وهي وطن واحد، المصير نفسه بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، حيث قامت دول الحلفاء بقيادة أمريكا والاتحاد السوفييتي بتقسيم كوريا إلى منطقتي احتلال: الشمالية تحت سيطرة السوفييت، والجنوبية تحت سيطرة الأمريكيين.

وفي عام 1948 تم إنشاء دولتين منفصلتين في كوريا: جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وجمهورية كوريا الجنوبية.

وفي 25 يونيو عام 1950 شنت كوريا الشمالية الحرب على كوريا الجنوبية لإعادة وحدة البلاد، لكنها فشلت بسبب التدخل الأمريكي إلى جانب كوريا الجنوبية. وثمة رفض رسمي وشعبي واسع في كوريا الجنوبية للوحدة الكورية، كما أن الوحدة الألمانية لم تكن مثالية، على الرغم من حفظ حقوق الألمان الشرقيين والديمقراطية التي تساوي بين المواطنين الألمان وغيرهم.

 

نحن في الجنوب العربي لم يكن حالنا مع جارتنا اليمنية كحال الألمانيتين أو الكوريتين مع بعضهما بعضًا.

فلم نكن جزءًا من اليمن الشمالي عام 1945، ولا جزءًا منه عام 1839 عندما احتلت بريطانيا عدن. بل إن دويلاتنا الجنوبية كانت موجودة قبل القرن التاسع عشر بقرون، تدافع عن استقلال بلادها، ولم تمكن جارها اليمني من احتلالها.

 

حتى إذا ظهرت قوى مشبوهة في الجنوب، معادية لاستقلاله، في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، زعمت أنه جزء من اليمن شأنه شأن كوريا وألمانيا، فأُطلق أولًا على الجنوب اسم "جمهورية اليمن الجنوبية"، ثم استبدل بـ"جمهورية اليمن الديمقراطية"، على غرار تسمية كوريا الشمالية "جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية" ذات التوجه الاشتراكي، و"جمهورية ألمانيا الديمقراطية".

 

وهو قياس خاطئ، لأن الجنوب كان وطنًا قائمًا بذاته حقيقة، لم تنقضِها ما سُميت بالوحدة اليمنية، بل أكدت عليها وأبرزتها كما يبرز النقيض نقيضه.

فمتى يقتنع العالم بعدالة القضية الجنوبية؟

ومتى تدرك القوى الكبرى أن الجنوب العربي كان ضحية مؤامرة أجنبية اشتركت فيها بريطانيا وجاره اليمني؟