عن شعاري .. امريكا للامريكين (البيض) .. وعدن للعدنيين ..
عبدالله احمد السياري
فشل الجمهوريون في كسب سباق الرئاسة الامريكية بالرغم من تردي الاوضاع الاقتصادية هناك مع عن السوابق التاريخية تخبرنا بأن الناخب الأمريكي تحديداً-و الناخب الغربي عموما-ينحو ناحيه اسقاط الرئيس الذي في عهده يكون الاقتصاد متدهورا وقد رأينا ما حصل لساركوزي فرنسا وبراون بريطانيا وبارلسكوني ايطاليا .
الا ان هذا المأّل لم يصب اوباما مع ان نسبه العطالة في امريكا تكاد تبلغ حد ال8 % ولم يحصل منذ 80 سنة ان اُعيد انتخاب رئيس لامريكا بلغت في عهده نسبة البطالة هذا الحد اضف الى ذلك ان ديون امريكا بلغت مبلغا مهولا يزهو على ال 16 تريليون دولار (جلها مديونية للصين بالمناسبة)..
يعزوا اغلب المحللين والسياسين –بمن فيهم الجمهورين – السبب الأساس الى عدم ادراك-او بالأحرى تجاهل الحزب الجمهوري –للتغييرات الديمغرافية الهائلة التي حصلت في امريكا فلم يغيروا سياستهم ولم يسعوا لتوسيع قاعدتهم وجذب الفئات الديمغرافية الناشئة الفاعلة والمختلفة .
استمر الجمهوريون في جعل قاعدنهم المدللة تتمحور حول الاثنية البيضاء التي ركزالحزب على كسب ودها مع اهمال الفئات الديمغرافية الأخرى التي باتت تشكل كتل اثنيه كبيرة ومؤثرة في نتائج الانتخابات وتلك كتلة الأمريكيين السود وكتلة الأمريكيين الآسيوين وكتلة الأمريكيين اللاتينين والآخيرة هي الأكثر فاعلية وزخما وقوة.
وكانت هذه الاثنيات ( التي تلتئم تحت مسمى "الأقليات") تكٌون 12% التعداد السكاني الأمريكي في ستينات ر الماضي وتكٌون حالياً 30% من الأمريكين ويتوقع ارتفاع هذه النسبة الى 50% في 2050.
واذا استعرضنا تأثير هذه الاثنيات على نتائج الانتخابات الرئاسية الآخيرة سنجد ان 59% من البيض صوٌتوا لصالح رومني وفي المقابل صوٌت 93% من السود و71% من اللاتينين لصالح اوباما.
لم يصرخ الجمهوريون واصفين هذا الحال وهذه النتيجة بانها غير عادلة للبيض ولم يطالبوا او يتوعدوا بسحب الجنسية من اللاتنيين او الاستحقاقات والحقوق المكتسبة لهم. لم يقولوا"اطردواهولاء اللاتينين من امريكا فكيف ان يكون لهم حقوقا موازية للبيض وهم لم يدخلوها الا من عقود قليله مضت؟"
باختصار لم يعلنوها مدوية " امريكا للامريكيين(البيض)" ،
لا بل قالوا دعونا نحترهم ونعاملهم كمواطنين سواسية للبيض ونكسبهم الا جانبنا كي ينتخبونا في انتخابات قادمة. واضافوا لقد ادركنا أسباب فشلنا واخطانا في الحساب وسنسعى الى تصحيح ذلك.
هم اتخذوا هذا الخط ليس لانه العقلاني والاخلاقي فحسب بل لانهم يدركون ان مقوله "امريكا للامريكيين(البيض)" لن تصل بهم الا الى فشل ذريع لمعطيات تاريخية وقانونية وحقوقية.
وقد كتب في هذا الاطار احد المعلقين اليوم في جريده "الانديندنت" الانجليزيه التالي:
"ان فوز اوباما يعكس الولاتيات المتحدة على حقيقتها التي تتعارض مع منظور المحافظين المشوه عنها والذي هو بعيد عن واقع الحال. .....اذا لم تعي مكونات الحزب الجمهوري المعتمدة على الصوت الذكوري الابيض هذه الحقيقة ستكون مهمشة لعقود قادمة" .
انا اذكر ذلك لانني اسمع اصواتاً- احمد الله انها قليلة- تقول بمقوله "عدن للعدنيين" ويدعون ان هذا عنوانا ومطلب برئ الا ان انت تمعنت في ما وراه ومن هم وراه تجد ان القوم يريدون بذلك اقصاءاً للجنوبيين العرب العدنيين (الذين هم –في نظرهم العقيم-ليسوا بعدنيين).من اي حق او استحقاق في عدن اذ ان لهولاء القوم تعريفا عجيبا غريبا لمن هو عدني يحددونه ويقصرونه على من ولدوا في عدن في او قبل 1967 ( وانا بالمناسبه احدهم ) ولكن العجب يزول اذا عرف السبب وهو قصر صفة "العدنية" على شريحة بعينها ورفض غيرهم من ابناء الجنوب العربي.
لا بل ان بعض( ولا اقول كل) الداعيين بمقوله "عدن للعدنيين" وصلوا الى حد الطلب بطرد الجنوبيين العرب من اهل الريف من عدن وساؤؤهم في ذلك بالاتيين حديثا من الشمال بل وحملوهم اسباب المشقات التي عانتها عدن وقالوا انهم-اي الجنوبيون العرب-ليسوا اقل ايلاما لعدن من حكام صنعاء-(كل هذا الكلام موثق في ادبياتهم). ولقد وصلت الى قناعة بان القائلين بهذه المقوله يشدون ازر حكام صنعاء بقصد او بدون قصد.
لايوجد هناك مجرد ذرة أمل في ان يصل هذا القوم الى مرادهم في فصل عدن عن محيطه او طرد الحنوبيين العرب من عاصمتهم الا ان خطورتهم تكمن في استعداء اهلنا في الجنوب على العدنيين منا الذين يعتقد هولاء القوم انهم يحمون مصالحهم والعكس صحيح فعلى اقل تقدير قولهم هذا المتطرف يؤدي الى اقوال مضاده يغرق فيها الناس حول من هو العدني يليه غوص اعمق غيرحميد حول من هو الدخيل ومن هو الاصيل لعدن.
هنا يجب التفريق الواضح بين هذه المقولات المتطرفة وممن يقول-وانا منهم -بان ابناء عدن بكل مشاربهم قد ظَلموا وسلبت حقوقهم وهذا واقع احترقت به انا كغيري من العدنيين ويجب اعاده حقوقهم لهم مع تعويضهم على الخسارات التي تحملوها بل انني اضيف واقول بانه يجب ان تعطى الاولوية للعدنيين في كل وظائف الحكومة المحلية في عدن بما في ذلك المحافظ واعوانه ورؤساء المديريات الخ.
ثم لابد من القول –وهذا مصدر فخر ازلي متين لي- بان لعدن خصوصية ثقافية واقتصادية وتاريخية فريدة لذيذة-يجب مراعاتها ورعايتها والفخر بها والحفاظ عليها- من قبل كل الجنوبيين.
قد يقول قائل غير ان مقارنه الوضع مع وضع امريكا لا يستقيم لان الامريكيين البيض-الذي تحدثت عنهم- يدركون ان امريكا هي اصلا بلد مهاجرين فليس بوسعهم-اذا- ان يزايدوا على اللاتين في وطنيتهم وهويتهم الامريكيه وهذا لا ينطبق على الحال في عدن.
فارد بان الحال هو كذلك في عدن فاهلها –في غالبيتهم -خليط من اناس اتوا من الشمال ومن الجنوب العربي وبلدان اخرى ولا ينبعي تفضيل فصيل منهم على الاخر.
ثم دعنا نتناول وضع اخر يكون البلد فيه ليس بلد مهاجرين بالكلية- مدينة لندن تحديدا.
. في ستينات القرن الماضي كانت نسبة الأقليات اللندنينة في جدود ال5% ووصلت الان الى 40% ويتوقع ان تكون الاثنيه البيضاء في هذه المدينة في الأقلية مع عام 2025 ومن الأقليات من تبواءات مناصب عالية في الدولة واصبحوا اعضاءاُ في برلمان وستمنتستر(مجلس العموم) ومجلس اللوردات .
ولم نسمع احدا يقول بطردهم من لندن او تجريدهم من جنسياتهم او حتى حرمانهم من حق الترشيح باستثناء واحد وهو الأحزاب البريطانية اليمينية المتطرفة العنصرية و النازيين الجدد ومحلقي الرؤوس وكلهم ذوو وجهات عنصرية فاشية بامتياز ولهم مواقف واضحة يرون في هذه الأقليات مصدررا لخراب لندن وينظرون اليهم بنظره دونية استحقارية.
8/11/2012