*- شبوة برس - فتحي أبو النصر
لا نحتاج لمعجزات بقدر ما نحتاج لفك شيفرة رجل واحد: أحمد العيسي. التاجر الذي بدأ بـ"صفيحة بترول" وانتهى يبيع الدولة نفسها بالتقسيط عبر حساب في البنك الأهلي السعودي. يقال إنك إن أردت أن تعرف حجم الفساد، راقب من يتحكم بالمشتقات النفطية، ولا داعي لمكبرات الصوت: الاسم واضح في كشف الحساب!
والعيسي لم يكن مجرد تاجر نفط. لقد أصبح مؤسسة فوق المؤسسات، وزارة ظل تتحكم بالضخ والتوقف، وتدير اقتصاد الحرب كما لو كان مخبزا عائليا.
فبينما كانت شركة النفط اليمنية تقف في طابور الانتظار، كان العيسي يُودع ملايين الريالات في حساباته ويستورد من خزينة الدولة مباشرة، لا من الأسواق العالمية. الدفعة؟ 18 مليون و750 ألف ريال سعودي دفعة واحدة! والمستفيد؟ شركة باسم ناعم: ASA ENERGY FZCO، لكن رائحتها السياسية تزكم الأنوف.
ويقال إن معين عبد الملك حين كان رئيس الوزراء حاول يوما انتزاع بعض الجمارك والضرائب من العيسي، فخرج بلا ضريبة ولا كرامة. فيما توازنت الأمور حينها بين ساخر يقول إن الحكومة أصبحت موظفا لدى التاجر، وآخر يطلب غرفة في المعاشيق ليقترح "حلولا بديلة" قد تكون أقل تكلفة على الدولة من مكتب أحمد العيسي نفسه!
أما شركة النفط اليمنية، تلك المؤسسة السيادية التي يُفترض أن تكون في قلب المعركة الاقتصادية، فهي اليوم مجرد ختم مطاطي على أوراق الاستيراد، بينما القرار الحقيقي يُصنع في مكاتب العيسي، ويُدار بهاتف محمول لا يستقبل إلا تعليمات "من فوق".
و المصافي؟ معطلة. عدن نت؟ مُخنوقة. واي؟ صفقة فساد. حتى الرئيس الأسبق هادي لم يسلم من "عطالة" العيسي وابتزازه!
..نحن فعلياً أمام طبقة سياسية تتصارع على من يتولى الاستيراد، لا على بناء مؤسسات مستقلة. وحين اختلف العيسي مع معين، تسربت وثائق، لا حرصا على الوطن، بل ضمن صراع حصص. واليوم، وبعد كل هذا التلاعب، نسأل: هل انتهى عهد العيسي؟
لا، العيسي لا ينتهي بانتهاء دوره. لأنه ليس شخصا فقط، بل نمطٌ في الحكم، عقليةٌ ترى في الدولة شركة عائلية، وفي الحرب فرصة تجارية، وفي الشعب زبونا مؤقتا.
ويبقى السؤال الحقيقي: وماذا بعد؟
الجواب: إما تحرر الاقتصاد من هذه التبعية، أو نبقى نبيع نفطنا من تحت الطاولة، ونشتري الوقود فوق سعر السوق، وندور في دوامة "العيسي يعطل،وأنا أصلح!"
أي نحتاج دولة لا غرفا للإيجار في المعاشيق. نحتاج قرارا، لا تاجر قرار. وحين تختفي الحسابات الخاصة، وتعود الدولة إلى حسابها الرسمي، فقط حينها نستطيع أن نقول: انتهى عهد العيسي،وبدأ عهد اليمن.
وأذكركم به لأن لوبي العيسي ما زال منغمسا حتى أذنيه في الدولة ، بل يلوك الدولة كما يلوك التاجر دفاتره. ومن خزينة الشعب إلى جيوبهم، لا فرق بين راتب جندي موقوف وبين حوالة نفطية سريعة: الوطن ضحية ببطاقة ائتمان VIP.
فقط..تخيلوا وطنا يُسحب من صراف آلي، وكأن الدولة مجرد بطاقة بيد العيسي، تُدخل الرقم السري: "نفط"، فتخرج الأرباح، ويُترك الشعب ينتظر رسالة "الرصيد لا يكفي"
و
وطنٌ رهينة، واللص يرتدي بدلة رسمية ويبتسم للكاميرا.
والعيسي: الشيخ، المستشار، التاجر، المهرب، "فاعل الخير"، ورئيس اتحاد كرة القدم الذي لا ينافسه أحد فيه ، بينما لا كرة فيه ولا قدم. أراد قناة، وحلم بالرئاسة، وكأن الوطن مزاد علني.
اتذكر قال: أستحق أن أكون رئيساً.
نعم، في جمهورية الصفقات، لا في دولة تبحث عن نفسها يا احمد صالح العيسي.
وكان زعم رجل الأعمال أحمد صالح العيسي المتحكم بسوق النفط والغاز في اليمن بأنه اقرض الحكومة الشرعية خلال عامي 2015 - 2016 نحو نصف مليار ريال سعودي (حوالي 133.3 مليون دولار)!!