الجيش اضعف قدرة في التعامل مع المواطنين في تهدئة الاضطرابات أي كانت هي الاضطرابات، ذلك أن الجيش مهامه هي التعامل مع العدو والدفاع عن البلد، والذود عن حدوده، لذلك فإننا نجدهم يتعاملون بفظاظة كما يتعاملون مع العدو أو ما يشبه ذلك، وقد تكررت هذه المعاملة أيضاً في النقاط العسكرية، على العكس منه يكون تعامل وحدات الأمن مع المواطنين، فهم الأعنى بالأمر، وهم أهل الاختصاص.
كنت قد وددت لو استفادت القيادة العسكرية الراهنة من الخبرات السابقة في هذا المجال مثل القائد طيمس الذي يمتلك خبرة طويلة في التعامل مع الحضارمة، و ايضاً مع القائد ابو عوجاء.
فمثلاً لو أن القيادة افرجت عن القاطرات بالتدريج واقنعت شباب ثورة الجياع الذين ازهقهم الجوع كما ازهقنا جميعاً فقدان الأمل في مستقبل بلدنا، الذي يسير من سيئ إلى اسوأ، ولو أنهم اخذوا شبابنا باللين وتفهم مشاعرهم واحتقانهم، لكان بالإمكان تلافي الكثير من هذه التداعيات التي ماكان لها أن تكون.
كما ان هؤلاء الشباب هم يبذلون الجهود التي فشلت القوى السياسية الانتهازية - سلطة ومعارضة- عن تحقيق الأدنى منها لهدف تخفيف معاناة المواطنين، ولو بالحد الأدني.
هذه القوى السلبية الفاشلة بامتياز، المتنازعة على السلطة مقابل استسلامها للأمر الواقع، كلما تسعى إليه هذه التشكيلات هو ان يكون التحالف راظياً عنها، ليبقيهم أكثر في مناصبهم، وليمنحهم نصيباً أوفر من الكعكة التي تؤكل على مرئ من الجياع، وبهذه المعادلة فإن المواطن في هامش اهتماماتهم. فأصبحت الانتهازية هي الثقافة السائدة بينهم جميعاً. ولعل دونيتهم وضعف وطنيتهم جعلتهم يتسابقون في اظهار مواقفهم المتزلفة التي بالغوا فيها كثيرا من أجل بائع (ايسكريم) من خارج المحافظة، في حين يتجاهلون قائد بحجم اركان المنطقة الثانية لتُلفّق ضده الكثير من التهم دون وجه حق، غير عابئين بمركزه العسكري والقيادي وتاريخه الوطني الناصع. ولو ان هذا القائد من خارج حضرموت لما فُعِل فيه ربع ذلك. وكذلك الأمر بالنسبة المخطوف السيد محسن العطاس. الذي اختُطف لأكثر من سنة ونصف دون ان تُبذلل السلطات في المحافظ جهداً في الافراج عنه، وكأنه لم يكن مواطناً من هذه المحافظة،ففي الحديث :كفى المرء إثماً أن يضيع من يعول.
ولعله يحضرني هنا قول امير الشعراء:
أمة قد فت في ساعِدها
بغضها الأهل وحب الغرباء
كان الأولى هو الاهتمام بهاتين الشخصيتين بمقدار الاهتمام براعي (الايسكريم)، وليس هذا للتقليل من شأن هذا الولد المكافح. ولكنني هنا لأبرز التنافس على التسلط على المواطن دون التنافس على خدمته ورعاية مصالحه، ولأُبين أيضاً مدى الانتهازية والتبعية، في الحفاظ على المناصب والامتيازات. ليس خدمة للمواطن ولكن خدمة للآخر، وامتثالاً لأوامره الجائرة والمُجحفة بحق شعبنا ومستقبله.
ختاماً قراءة الفاتحة على روح الشهيد (محمد يادين) ودعواتنا له بالغفران.
كاتب روائي وصحفي حسين السقاف