في الأيام القليلة الماضية، أصدر الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي حزمة من القرارات المفصلية، شملت إعادة هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي، وتعيين قيادات جديدة في هيئاته المختلفة، وإطلاق خطط إصلاح إداري واقتصادي. هذه الخطوات أثارت اهتمام الشارع الجنوبي، وطرحت تساؤلات كبيرة: هل نحن فعلاً أمام مرحلة جديدة؟ وماذا تعني هذه القرارات لشعب الجنوب؟
أولاً: بناء مؤسسي واستعداد سياسي
ما قام به الرئيس الزبيدي يُعد خطوة جادة نحو تحويل المجلس الانتقالي من كيان ثوري إلى مؤسسة سياسية ناضجة ومتكاملة، تملك أدوات الإدارة والتخطيط والمراقبة. دمج الدوائر، وتفعيل الهيئات المتخصصة، وتوزيع المهام بشكل واضح، كلها خطوات تهدف إلى رفع كفاءة الأداء وتجاوز الفوضى التنظيمية. وهذا بالضرورة يعزز ثقة الشارع الجنوبي بأن هناك قيادة قادرة على التحرك بمسؤولية نحو الاستقلال واستعادة الدولة.
ثانيًا: تحسن مرتقب في الخدمات والاقتصاد
القرارات لم تكن محصورة في الإطار الإداري فقط، بل جاءت متزامنة مع الحديث عن خطة شاملة لإنقاذ الاقتصاد، وتوفير الكهرباء، وتحريك عجلة التنمية بدعم دولي. إن صدقت النوايا ووجدت العزيمة، فإن هذه القرارات قد تفتح أبوابًا لتحسين معيشة المواطنين، وخلق فرص عمل، ومواجهة الفساد الإداري والمالي، الذي أنهك الجنوب طوال السنوات الماضية.
ثالثًا: تعزيز الهوية الجنوبية
هذه التحركات تعني أن الجنوب ماضٍ بثقة نحو بناء مؤسسات دولته القادمة، وأن هناك إدراكًا متزايدًا بأن معركة الاستقلال لا تُخاض فقط بالبندقية، بل بالإدارة الرشيدة، وتوسيع قاعدة المشاركة، وامتلاك خطاب سياسي مؤثر. القرارات الأخيرة تعزز فكرة "جنوب الدولة" لا "جنوب القضية" فقط، وهو ما يبعث الأمل في نفوس الجنوبيين بأن التضحيات لم تذهب سدى.
رابعًا: التحديات والاختبار الحقيقي
ورغم ما تحمله هذه القرارات من دلالات إيجابية، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في التنفيذ. فالشعب الجنوبي الذي صبر طويلاً وتحمّل مرارة الحرب والجوع والظلم، لم يعد يرضى بالوعود. المطلوب اليوم هو العمل الميداني، والانفتاح على كل الطيف الجنوبي، وضمان أن تكون هذه المؤسسات ممثلة فعلاً لإرادة الشعب، لا حكراً على نخبة معينة أو منطقة دون أخرى.
خاتمة:
إن قرارات الرئيس الزبيدي الأخيرة هي خطوة في الاتجاه الصحيح، وقد تكون بوابة العبور نحو مرحلة جديدة من النضال السياسي والمؤسسي. لكنّ النجاح الحقيقي يتوقف على القدرة على تحويل هذه القرارات إلى واقع ملموس، يشعر به المواطن الجنوبي في معيشته اليومية، في أمنه، في كهربائه، في راتبه، وفي كرامته.
شعب الجنوب ينتظر… وقد اقتربت ساعة الحقيقة.