رأي الشيخ الصريمة في قيادات الاشتراكي ودوره في مؤتمر الحوار الوطني (الحلقة السادسة و الأخيرة)

2017-06-12 15:14
رأي الشيخ الصريمة في قيادات الاشتراكي ودوره في مؤتمر الحوار الوطني (الحلقة السادسة و الأخيرة)
شبوه برس - خاص - الصعيد شبوه

 

كان الشيخ أحمد بن فريد الصريمة يضع قضية الجنوب في قلبه وعقله منذ رحيله عن الحيد لسود في العوالق عام 1967م , كانت له رؤية شاملة تتسع للجنوب بكل أطيافه السياسية وبكل شرائحه الاجتماعية ..ورفض اختزاله في شعار (كل الشعب قومية) و كان الحل الواقعي الذي تبناه هو أن الجنوب ملك للجميع بكل أطيافه ورموزه السياسية ولا يمكن تهميش أحد أو إقصاء أحد من أبنائه و كان يمتلك رؤية سياسية ثاقبة ومشروعاً سياسياً و طنياً و هو أن الجنوب لا يمكن أن يستقر إلا بتحقيق الوحدة الوطنية ينضوي تحت مظلتها كل أبناء الجنوب وجسد هذه الرؤية عملياً في حركة الوحدة الوطنية التي تفجرت في العوالق وردفان والصبيحة  في 27 يوليو عام 1968م ومعهم كل القوى الوطنية مثل الرابطة وجبهة التحرير والضباط والقبائل والمشايخ والسلاطين وظل متمسكاً بها طوال عقود ..وفي لقائه في باريس عام 2010م  مع  نخبة من قيادات العهد الاشتراكي الجنوبي القديم قال الشيخ أحمد بن فريد الصر يمه عندما طلبوا منه المساعدة لتشكيل قيادة جنوبية موحدة تتحدث باسم قضية شعب الجنوب: إن أردتم لقضية الجنوب انتصارا ..عليكم الاعتراف والإيمان بما يلي:

 أولا : العهد الجنوبي القادم ليس عهدكم أيها الرفاق فيكفي ما قد مضى منكم من نكبات بحق هذا الشعب وعفا الله عما سلف منكم .

  ثانيا : العهد الجنوبي القادم هو عهد للشباب الجنوبي الصامد في ساحات النضال السلمي الخالي من صراعات و رواسب الماضي إن كنتم صادقون فيما أعلنتموه من تصالح وتسامح بينكم وبين هذا الشعب..!!

 وفي محطة تاريخية أخرى شارك في مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في صنعاء عام 2013م كنائب لهيئة رئاسة الحوار الوطني ثم انسحب منه وقال عنه:"لقد بذلنا جهدا صادقا في محاولة لتغيير قواعد الحوار بما يخدم قضية شعبنا في الجنوب دون جدوى لكون وقائع الحوار تسير نحو إعادة إنتاج منظومة الحكم السابقة في صنعاء !"

وتزعم الصريمة مكون " مؤتمر شعب الجنوب " المشارك في الحوار الوطني بصنعاء وعيّن بقرار رئاسي نائبا لرئيس مؤتمر الحوار كما تم انتخابه بالتزكية رئيسا لفريق عمل القضية الجنوبية في الحوار .

واشترط الصريمة لعودته إلى الحوار الإقرار السياسي من قبل المنظومة السياسية في الشمال بأن حرب صيف 1994م قد أنهت الوحدة السياسية المعلنة في 22 مايو 1990م ، والاعتراف بحق تقرير المصير لشعب الجنوب والاعتذار الرسمي عن حرب صيف 1994م والإقرار الفوري بان صنعاء ليست المكان الآمن للحوار بين الجنوب والشمال لحل قضية شعب الجنوب والشروع الفوري بنقل الحوار إلى عاصمة خليجية أو أوروبية، وأكد القيادي الجنوبي الشيخ احمد بن فريد الصريمة أن الإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح) يكذبون على دول التحالف العربية بادعائهم اقتراب دخولهم العاصمة اليمنية صنعاء .

 

وأكد الصريمة أن هناك مخططا من قبل قيادات الإصلاح يتضمن دفع عشرة ألوية تابعة للمنطقة العسكرية الأولى بحضرموت التي يقودها عبدالرحمن الحليلي صوب محافظات الجنوب ودخول مدينة عدن وتسليمها لحزب الإصلاح محذرا من وجود مخطط هدفه السيطرة على الجنوب ونهب ثرواته!!

 

كما طالب الصريمه بوقف أعمال كافة لجان مؤتمر الحوار الوطني حتى يتم الانتهاء من حل قضية شعب الجنوب لأن ذلك مخالف لبديهيات وأسس الحوار ووقف العمل بالمناطق العسكرية السبع التي اعتبرها خطاب الصريمة مقدمة فعلية لتقسيم البلاد إلى ستة أقاليم متداخلة تعيد رسم الخريطة بما يفقد الجنوب هويته .

 

ظل هذا الرجل، هامة شامخة يهيم بوطنه الذي أثقله بالهموم وأوجعه بكل جراحاته وحد نصاله، لكنه الأصيل الذي لا يعرف قلبه الحقد ولا يسكن مشاعره إلاّ التسامح والحب والغفران .

أنكر هذا الوطني جراحاته الدامية، وعميق الطعنات التي وجهت إلى صدره المكشوف، فكفكف دموعه ولعق جراحاته بل وشمخ بحبه وإخلاصه ووفائه، فهو اليوم  يقدم الكثير للوطن، ويتابع ملفات الجرحى ويستمع  إلى أنين المكلومين.

ساهم في الإغاثات وفي الحملات الصحية وجاد بالتبرعات والأعمال الخيرية، ويحمل في قلبه النقي فيضاً زاخراً من الوفاء والحب. حب أضناه حتى أرهقه وأوهنه ووطد عناء آته في حديثة الكليم عن وطنه، الذي شرده صغيراً وحمّله حزنه كبيراً. كم سمعته يتنهد ويتألم على وطنٍ جميل رائع بريء، تُرك فريسةً للأشباح والقراصنة والماكرين !!

 

كان الشيخ الصريمة الحاضر المشارك لكل الأحداث التي تعصف باليمن ..حتى أنهكه المرض وتوفي في لندن ظهر يوم السبت 27 مايو 2017م وصلى عليه صلاة الجنازة العشرات من أبناء الجالية اليمنية في مسجد ريجنت بارك بلندن ثم جرى  تشييعه إلى مثواه الأخير يوم الأحد 28 مايو في مقبرة المسلمين في ريجنت بارك بالعاصمة البريطانية .  نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمه ويغفر له وأن يسكنه فسيح جناته

 

وختاماً نقول أن الشيخ أحمد فريد الصريمة وان غيبه الموت فسيظل حيا في ذاكرة الأجيال وسيظل واحدا من أعلام الوطن البارزين ومن الرجال الذين ستضيء بهم الذاكرة على مر السنين.

 

وصدق الشاعر العربي القائل :

لعمرك ما المصيبة فقد مال /  ولا فرس يموت ولا بعير

ولكن المصيبة فقد حر           / يضام لموته خلق كثير

ورحم الله  الشاعر الزبيري القائل:

ما كنت أحسب أني سوف أبكيه  وأن شعري إلى الدنيا سينعيه

وأني سوف أبقى بعد نكبته        حيا أمزق روحي في مراثيه

أو كما قال الشاعر العربي:

سقاك الغيث هتانا وإلا       فحسبك من دموعي ما سقاكا

ولا زال السلام عليك مني    يرف مع النسيم على ذراكا

 

*- بقلم الدكتور علوي عمر بن فريد – باحث ومؤرخ

*- للإطلاع على الحلقة الخامسة : اضغــــــــط هنــــا