*- شبوة برس - الأيام
حرص نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، خلال اليومين الماضيين، على عقد لقاءات مكثفة مع قيادات سياسية وعسكرية وقبلية بحضرموت، في رسائل متعددة الأبعاد، يأتي في مقدمتها السعي الحثيث نحو توحيد الصف الحضرمي والتصدي لما يعتبره المجلس الانتقالي "مشاريع تقسيم" تستهدف الكيان الحضرمي، لا سيما في وادي حضرموت الذي يُنظر إليه كمصدر للفتنة وملاذ لجماعات متطرفة موالية للتيارات الإخوانية.
برز خلال لقاءات بن بريك تأكيده المتكرر على أهمية توحيد الكلمة والصف بين أبناء حضرموت. هذا التوجه تجلى في لقائه أمس الأحد بقيادات الهبة الحضرمية الثانية، مثل الشيخ حسن الجابري والشيخ عمر الكسادي، اللذين أعلنا تأييدهما لمشروع توحيد الحضارم، في رسالة واضحة لدعم رؤية الانتقالي في بناء كيان حضرمي موحد ضمن الإطار الجنوبي.
هذا المسعى لا يقتصر فقط على السياسيين أو القادة الميدانيين، بل شمل رجال الدين والتجار، كما في لقائه مع الشيخ صالح الشرفي والشيخ فارس بن هلابي، ما يؤكد أن اللواء بن بريك يحاول بناء إجماع مجتمعي عريض يمتد من النخب إلى القواعد الشعبية، ما يعكس وعياً استراتيجياً بأن المشروع السياسي لا يكتمل دون حشد كل مكونات المجتمع.
ارتبطت لقاءات اللواء بن بريك بإحياء ذكرى تحرير ساحل حضرموت من تنظيم القاعدة، في أبريل 2016، وهو حدث مفصلي يتم استخدامه اليوم لتأكيد أهمية الحفاظ على ما تحقق، لا سيما على المستوى الأمني والعسكري، وتحديداً من خلال قوات النخبة الحضرمية التي يتم التذكير بدورها الريادي في تطهير المكلا من الإرهاب.
لقاؤه بقيادات أمنية وعسكرية كقائد المنطقة العسكرية الثانية ومدير أمن ساحل حضرموت، يعكس حرصه على إعادة تفعيل دور هذه القوات وإبرازها كركيزة للوحدة الداخلية ومؤسسة تمثل جميع الحضارم دون استثناء، وهو ما قد يُقرأ أيضاً كرغبة في تهيئة المسرح لمزيد من الحضور العسكري والسياسي للانتقالي في وادي حضرموت.
بالرغم من أن التصريحات العلنية لم تُسمِّ الأهداف بشكل مباشر، إلا أن الإشارات المتكررة إلى "مخاطر الفوضى"، و "أطراف خارجة عن الصف"، و "الجماعات المتطرفة"، تشي بأن أحد الأهداف الرئيسية لهذه الجولة هو الضغط السياسي والشعبي لتهيئة الرأي العام لتدخل مباشر أو غير مباشر في وادي حضرموت، حيث لا تزال قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للشرعية اليمنية متمركزة في مواقعها بأرض الحضارم.
يرى الانتقالي أن وجود هذه القوات يعوق مساعي بناء هوية حضرمية جنوبية صلبة، ويستدعي إعادة هيكلة التواجد العسكري هناك لصالح قوات النخبة الحضرمية، في محاولة لسحب البساط من تحت "القوى الشمالية" وإعادة تشكيل المشهد وفق معادلة جنوبية صرفة.
رابعاً: استعادة الرمزية السياسية
عودة اللواء بن بريك من رحلته العلاجية وتصريحاته عند وصوله إلى المكلا لم تخلُ من بعد رمزي، حيث ذكّر بدوره في معركة تحرير الساحل، وربط الحاضر بالماضي في رسالة مفادها أنه لا يزال رقماً فاعلاً في المعادلة الحضرمية، وقادراً على المساهمة في صياغة مستقبل المحافظة.
هذا الظهور في توقيت حساس، ومع قيادات محلية وعسكرية مؤثرة، يعكس رغبة المجلس الانتقالي في تعزيز موقفه داخل حضرموت، خاصة في ظل تصاعد الحديث عن ترتيبات سياسية جديدة على مستوى الجنوب واليمن.
تحركات اللواء أحمد بن بريك تمثل محاولة استراتيجية لإعادة هندسة المشهد الحضرمي، بما يضمن اصطفافه مع المشروع الجنوبي الذي يقوده المجلس الانتقالي.. هذا التحرك الذي يجمع بين السياسي والعسكري والمجتمعي، يشير إلى أن حضرموت أصبحت ساحة مركزية في معركة النفوذ داخل الجنوب، وستكون محورية في رسم ملامح المرحلة المقبلة، سواء باتجاه مزيد من التوحد أو احتمالات صراع جديدة إذا ما استمرت القوى المنافسة في التشبث بمواقعها داخل الوادي.