قراءة أولية في اتفاق قوات سوريا الديموقراطية (قسد) مع نظام الجولاني
*- شبوة برس – السفير سامح عسكر
أولا: الاتفاق هو رضوخ لكل مطالب وشروط الأكراد التي رفضها الجولاني وداعميه في تركيا وقطر في السابق، حيث نص على دمج قوات الأكراد في الدولة السورية (دون حلها) وهذا يعني أن قوات الأمن السورية سيكون من بينها كورد كفصيل عسكري مستقل داخل الجيش، وهم فصيل علماني غير عربي لا يؤمن بالإسلام السياسي، وهذه الجزئية كانت سببا في رفض الجولاني لكل المبادرات السابقة. (نفس وضعية الحشد الشعبي والجيش العراقي، حيث ينص القانون العراقي على أن الحشد جزء من الجيش، لكنه فصيل عسكري مستقل، من نواحي الفكر والدعم) ثانيا: وفقا للاتفاق فإن قوات الجيش السوري الجديد سيكون من بينها علمانيين غير عرب، وهذا سيؤثر بشكل مباشر على كتابة الدستور السوري، وتوصيف قوى الأمن، حيث على الأرجح سيتم حذف عبارات (الجيش الإسلامي – الجيش السني) التي يؤمن بها كافة فصائل الجهاديين في تنظيم القاعدة.. ثالثا: الاتفاق جاء بعد مجازر الساحل الطائفية فورا، وهذا يُفهم على أنه استغلال أمريكي – بوصفهم داعمي الكورد- لتلك المجازر، وابتزاز الجولاني بالعقاب أو بالاتفاق. رابعا: الاتفاق في بنده الأول نص على حقوق جميع السوريين السياسية بغض النظر عن العرق والدين، وأن معيار الكفاءة وحده هو الحكم، وهذا البند علماني محض، وكان مطلبا كورديا ودورزيا وعلويا رفضه الجولاني عدة مرات في إطار الجولات السابقة في المبادرات، ومعنى طرحه الآن كبند أول، يعني عمليا في حال التزام الجولاني به سيكون لدينا في سوريا دستور علماني، وفي تقديري أن هناك شكوك كبيرة في إمكانية تحقيق ذلك البند، حيث يندفع الجولاني كالعادة للرضوخ والتقية في وجه الصدمات للحفاظ على بقاءه، ولا أعلم ماذا ينوي هو وداعميه في المستقبل. والأقرب هو احتمالية تفسير تلك البنود وفقا لفهم جماعات الجولاني للشريعة، والتصريح بكفر العلمانية، وبالتالي الانقلاب على الاتفاق، وبدء صراع أهلي مع الكورد مرة أخرى تكون فيها عصابات القاعدة أكثر قوة مما هي عليه الآن. ولذلك السبب رفض مظلوم عبدي حل قوات الأكراد، وكان يطلب دمجها في السابق كمكون مستقل. خامسا: الأكراد السوريون يخافون من سياسة (الحزام العربي) الذي انتهجها حزب البعث السابق، وكانت سببا لعداءهم مع نظام الأسد، هم الآن يخافون من حزامين اثنين (العربي والإخواني القاعدي) واجتماعهما في مناطق الكورد يعني القضاء تماما على الشعب الكوردي، وحدوث مجازر وإبادة جماعية تهدف للقضاء على المكون غير العربي، وعلى الكفار وفقا للجماعات.. ولذلك كان يصر الأكراد على الاحتفاظ بسلاحهم، والتحالف مع قوى غربية لحمايتهم من القوميين العرب في سوريا والعراق من جانب، ومن القوميين الإسلاميين والترك في كل من (إيران وتركيا والعراق وسوريا) وهذه مسألة حياة أو موت للشعب الكوردي، لذلك كانوا يطالبون بالاستقلال كمطلب أول، أو إدماجهم كقوى عسكرية مستقلة في الجيش الوطني في حال تعذر أو عدم واقعية الاستقلال، وفي كلتا الحالتين لن يتخلوا عن سلاحهم، وفي حال فشل هذا الاتفاق سيكون اللجوء للمطلب الأول علانية. سادسا: هذه جولة أولى من الاتفاق لم تحل كل المشاكل مع الكورد، وستكون هناك جولات أخرى للاعتراف باللغة الكوردية في التعليم السوري، والاعتراف بالشعب الكوردي كجزء لا يتجزأ من الأمة السورية، وكذلك رفع بعض المظالم التي رسخها البعثيون من نزع جنسيات الأكراد وإحصاء الستينيات الذي نزع جنسية آلاف الكورد منهم وتركهم بلا جنسية، وإنهاء سياسة التهميش والتعريب..إلخ وبالطبع السماح بحزب كوردي في العملية السياسية، على غرار حزب الشعوب التركي المؤيد للأقلية الكوردية. شارك برأيك، ما هو مستقبل الاتفاق، وهل سيغدر الجولاني بالأكراد؟..ولماذا تصمت تركيا على هذا الاتفاق برغم أنه يمسها مباشرة، ويعرض أمنها للخطر بعدم حل القوات الكوردية؟ أو الاعتراف بالكورد كقوة سياسية سورية؟