لن يجد المراقب المطلع على واقع الحال و المنصف مشقة كبيرة في معرفة الحقيقة في اليمن (اللغز ) على الأقل منذ عام1962 ومن أحد وجوه الحقيقة أن سبب تأخر وتخلف ماسمي باليمن السياسي يعود إلى ظهور طبقة سياسية تعود جذورها إلى بقايا الغزو الخارجي أو المنفيين عبر مراحل من تاريخ الدول الإسلامية وهذا أحد وجوه الحقيقة..
وهناك وجه آخر أن تلك العصابات قد (دجنت ) العنصر العربي في اليمن السياسي واطلقت عليه نعت الرعوي وليس نعت (شعب) واختصرت دوره في دفع المكوس والجبابات كرعوي ليس من حقه حتى الاعتراض على ضخامة تلك المكوسات وتعدد تسمياتها.. وعندما حاول أحد الرعويين بحكم ثقافته طرح في سبعينات القرن الفارط تصورات لإيجاد دولة بنظام اتحادي دستوري فوجد نفسه بدون جنسية وبدون جواز سفر وبحكم علاقاته فقد تكرمت عليه دولة عربية بمحه جواز سفر ومنزل في جنيف بناء على طلبه. وظل هناك حتى وفاة الأجل ..
ومثال رعوي آخر اخترق الصفوف ووصلت همته وعزيمته إلى منصب الرئيس في منتصف سبعينات القرن الماضي وهو المقدم ابراهيم الحمدي رحمه الله والذي بدأ بكل طاقاته محاولا العمل على بناء دولة محترمة وبرفض( صفة رعوي) متمسكا بمفردتي (المواطنة والشعب) فتم الغدر به بطريقة ليس ابشع منها إلا ما أعقبها من بشاعة مستمرة حتى اللحظة حيث وصلت عصابات الإجرام إلى انحدار أخلاقي منحط وأصبحت مفردات التهريب والدعارة (المنظمة) والفساد امور اعتيادية حتى وصلت الكليات وفي هذه البيئة الفاسدة جاء اعلان الوحدة في22مايو1990..وعندما تكشفت بعض الحقائق الفاجعة للاستاذ علي سالم البيض أدرك حجم الخطأ الذي وقع فيه الجنوب فأراد أن يحاول العمل على ايجاد شيء ايجابي لصالح شعب الجنوب (ورعويي الشمال) من خلال مشروع وطني متكامل ينقل (رعوي الشمال) إلى صفة شعب له حقوق وعليه واجبات من خلال رؤية متكاملة تم لاحقا تسميتها وثيقة الإجماع الوطني .. لكن زعماء عصابات اليمن قد (دجنوا الرعويين )وجعلوهم مجرد (قيويم ) لخدمة زعماء تلك العصابات الإجرامية فشنوا الحرب على الجنوب في27ابريل1994 واحتلوه في 7/7/94 ومنذ ذلك اليوم والصراع بين الخير الذي يعمل على تحقيقه قيادات الجنوب وشعبه ليعم البمن والجنوب معا لكن زعماء العصابات (ورعوي الشمال) يقفون كمحور للشر لمواجهة هذا الخير وهكذا تتجلى بعض وجوه الحقيقة في نكبة اليمن والجنوب التي لن تزول الا بالعودة إلى ماقبل عام 1990 بنظامي حكم جديدين ورشيدين.
الباحث/,علي محمد السليماني