يشبَّه تلميع الساسة بتلميع الأحذية للمارة، حيث يتم تقديم صورة براقة تخفي ما تحتها من عيوب، وهذا السلوك لا يخدم التطور والتنمية، بل يضلل الرأي العام و يفسح المجال لمزيد من الفساد و التخبط.
يمارس التلميع السياسي بوسائل عدة، أبرزها الإعلام الرسمي والخاص، والتصريحات المنمقة، والتقارير المدفوعة، بل وحتى من بعض عامة الناس الذين يرون في ذلك تقربا أو منفعة شخصية. الصحفيون الذين يفترض أن يكونوا حراس الحقيقة يتحول بعضهم إلى أدوات دعاية، يقدمون صورة زائفة عن الواقع، متجاهلين معاناة المجتمع ومشاكله الحقيقية.
عندما يمجَّد المسؤولون بلا إنجازات حقيقية، يتم ترسيخ ثقافة الانتهازية والمحسوبية، مما يقوض معايير الكفاءة والمساءلة.
التنمية تحتاج إلى تقييم واقعي للأداء، وليس إلى تغطية الإخفاقات بشعارات جوفاء.
المسؤولية لا تقع فقط على الصحفيين أو الإعلاميين، بل على المجتمع أيضًا. حينما يتبنى الناس خطاب التلميع دون وعي، يساهمون في استمرار الخلل، مما يجعل محاسبة الفاسدين أكثر صعوبة. وعي المواطن هو الحصن الأول ضد التضليل، فالإشادة يجب أن تكون مستحقة، والنقد يجب أن يكون بناءً، لا هداما ولا مجاملة فارغة.
التلميع الأعمى لا يخدم سوى الفاسدين وأصحاب المصالح الضيقة، أما التطور الحقيقي فيبدأ من الاعتراف بالواقع كما هو، والعمل على تصحيحه بجرأة ومسؤولية. الصحافة الحرة والشفافة، والوعي المجتمعي، هما أدوات التغيير الحقيقي، فهل نملك الشجاعة لاستخدامهما؟