مثلما يهدأ الطوفان وينجلي المطر والغيم تظهر الكوارث وآثار ما جرى عقب ذلك، ها هي وجوه ودعوات بعض السياسيين تظهر فجأة ما إن هدأت عدن مما أصابها من خذلان وتدهور واضطرابات عارمة، جاءوا بمظاهرهم الأنيقة والتي لا تنتمي إلى أهل عدن المغمورين بالفقر والغدرة الحالكة والخوف والقتل المنتشر والسلاح المنفلت.
ومن واقع ما أصاب عدن تجاوزت حدود القرية لتتحول إلى كومة معزولة خارج التاريخ، وكل هذا ورغم ما يفعلون بها لازال يسكنها البعض من المجلس الانتقالي، والبعض من الصف الثاني من الشرعية وبعض الوزراء الصامدين الصامتين، فيما تركها الزعماء الكبار من فترة طويلة واستقروا ببلاد الجيران إما الرياض أو أبوظبي أو عمان، ومن هناك ينظرون إلى ما في عدن الموجوعة والمتألمة منهم والباكية بدموع متجمدة وإلى ربها تشكو.
من وسط ركام الإهمال الذي بها، تنادوا إلى إعلان حكومة جديدة تحت رئاسة نفس رئيس الوزراء الحالي أحمد بن مبارك، وهذا يطابق ما يقول المثل (ماشي عشاء.. قال كزوا في تنارين) وإلى جانب ذلك هو مخرج أسوأ ما نتوقعه، وهل هناك قدرة لدى الناس في تحمل حكومة جديدة لن تزيد ولن تنقص في أمرنا شيء، وإنما هي إضافة عبء يرهقنا ويستنزف آخر رمق لدينا، نحن حقًا ذاهبون إلى الموت، هناك من سرق البلد وأرهقها وتسبب في انهيار الصرف وأحوال الشعب والخدمات والتعليم والعلاج كل شيء صار أقرب للذكرى، وأصبحنا كلنا نواجه شبح المجاعة والمخاوف تزداد أن ينفلت الأمن في ظل تواجد الإرهاب داخل بعض المدن والأودية ويظهر جهارًا نهارًا.
من يفكر حاليًّا في إعلان حكومة يا ترى؟ وما الهدف منها سوى أن نغرق أكثر ويسحبنا السيل إلى المجهول، وعودة نغمة الوعود السياسية التي لا تجدي ولا تنفع فيما يخص التطورات للخروج بالبلد مما هي فيه من مأساة وتخبط ونهب.
وماذا تريد بعض الكتل الجنوبية التي عجزت عن الحل وأظهر حالها أنها بالنسبة للمواطن خيبة كبيرة، أصبنا بها بعد كل هذا الوقت والتضحيات والنضال والمعاناة.
ما اكتشفه المواطن حيثما كان في عدن أو حضرموت أو تعز وغيرها من المناطق المحررة أن كل ما أراده من حلم في الاستقرار للأسعار والراتب والخدمات بقدر معقول غدا حلمًا ليس في متناوله وليس بمقدور أي من المكونات الحراكية ولا الشرعية توفيره له، أي بمفهوم (بغيت عامر يعمرنا فرقز عيونه وفزعنا).
وأصبح حصاد السنين صفرًا كشف عورت الأدعياء والمتشدقين من حيث الخطابة والمظاهر، وأنه أي هذا المواطن الحائر الفقير غدا اليوم وجهًا لوجه أمام فراغ لا ينتهي، وكأنما هو كان ممسكًا بهيكل عظمي قديم ظنًا منه أنه إنسان حي أو منقذ يخرجه مما حوله من أعاصير، فكان ويالتعاسته عكس ما توقع.