انهيار الخدمات وتلاشي القدرة الشرائية للناس في مناطق الجنوب نتيجة طبيعية لفشل وفساد إدارة هذه الملفات الحساسة...وغياب تام للحلول الجذرية والاستراتيجية، والاكتفاء فقط بالحلول الوقتية والجزئية والترقيعية...واكرر القول هذا ليس وليد اليوم بل ثمرة مخيفة استمرت في النمو منذ سنوات طوال.
الفساد الذي قدم إلى جنوبنا خلسة ثم صراحة وبوحشية منذ غزوة 1994، ونمى وترعرع في حضن نظام 7/7 وحكوماته المتعاقبة حتى اليوم...هذا الفساد استفحل واصبح أشبه ب"فأر سد مأرب".
هو سبب كل المصائب التي حدثت وتحدث والوضع الراهن الحرج والخطير.
"الفاسدون هم الأرضة التي تتغذى على حق الناس في الرخاء والعيش الكريم ، وهم الطفيليات الضارة التي نهشت بضراوة اعتمادات المشاريع واعتمادات الوقود والمنح المالية وحتى الودائع ، حتى غدا الوضع بهذه الدرجة من السوء ، توقف الخدمات ، انهيار العملة وارتفاع الاسعار ، وامام عجز كلي للمساءلة والمحاسبة وفشل فاضح في ادارة الدولة والمؤسسات".
لست بحاجة هنا إلى الدخول في تفاصيل الانهيار التراكمي والتدريجي لهذه الخدمات التي كانت في متناول كل سكان عدن ومدن الجنوب الرئيسية سواء كان في عهد المستعمر البريطاني أم في عهد دولة الاستقلال منذ 30 نوفمبر 1967 وحتى 22 مايو 1990، ثم بدأت بعد ذلك بالعد التنازلي للتراجع وصولا إلى الانهيار الكلي...
لا حاجة إلى شرح ذلك، ليس لأنه معروف ومشهود ولا يحتاج إلى توضيح وتاكيد...فحسب، بل ولأن الناس لم يعد لديهم اليوم في ظل هذا الوضع الكارثي، لم يعد لديهم متسعا للصبر أو الفهم أو التفهم اوالتمحيص والتدقيق.
لم يعد يهم الناس أن يبحثون عن الأسباب والمتهمين، فقد استطاع المزايدون والانتهازيون ركوب الموجه لخلط الاوراق وتوزيع وتعميم التهم على الجميع بدون استثناء : شرعية ورباعية وتحالف وصوولا إلى المجلس الإنتقالي.
والحقيقة أن كل هؤلاء...وبالطبع مضاف اليهم المجتمع والسلوكيات الفوضوية والعشوائية في التعامل مع هذه الخدمات... جميعهم متهمون وبعضهم مقصرون في التنبه لوضع حلول في حينها قبل بلوغ هذه المشكلات سن اليأس.
لم يعد يهم الناس أن تسمع إلا خبرا واحدا هو توفير خدمات بحدها الأدنى، ووقف تدهور العملة والقدرة الشرائية للمواطنين بقدرما أمكن، وعدم تكرار مثل هذه الازمات مستقبلا.