الثأر في شبوة.. داءٌ ينخر نسيجها من الداخل

2025-07-30 16:25

 

لم يعد الثأر في شبوة مجرّد خصومة طارئة أو خلافًا عابرا بين أبناء القبائل٫ بل تحوّل إلى نارًا متقدة تأكل من الداخل، تُورِّث الأجيال حقدًا ودماءً بدل أن تترك لهم إرثًا من السلام والتسامح.

في أرضٍ اشتهرت بالقيم والشهامة تسللت لغة الدم لتحلّ مكان لغة العقل فأصبحت حياة الناس رهينة رصاصة طائشة أو ثأر قديم لا يعلم سببه سوى من أشعل فتيله الأول.

 

ما حدث بالأمس بين أبناء العمومة من آل عديو ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من العبث، راح ضحيته الشاب ((صقر ناصر عديو)) الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره ليضاف اسمه إلى قائمة طويلة من الشباب الذين أُهدرت أعمارهم في دوامة ثأر لا تنتهي.

 

كم من بيتٍ تحوّل إلى مأتمٍ دائم؟ وكم من أمٍ دفنت فلذة كبدها وهي تتساءل: متى ينتهي هذا النزيف؟

لقد غاب صوت العقل، وتوارى دور الوجهاء وجعل غياب الدولة السلاح هو الحكم والخصم. وبينما تتغذى نيران الثأر على الدماء، تتفتت القبيلة، ويضيع الأمن، وتتراجع الحياة إلى الوراء.

 

إن استمرار هذا الوضع يعني أن جيلًا كاملًا في شبوة سيعيش محاصرًا بالخوف والدمار ولن تجد أي نهضة طريقها إلى أرض تمزقها الثارات.

إنها دعوة صادقة اليوم قبل الغد، إلى كل عاقل في شبوة: أوقفوا هذه النار قبل أن تأكل ما تبقى من كرامة الأرض والإنسان.

 

الثأر لا يُعيد ميتًا ولا يُشفي غليلًا بل يفتح أبوابًا جديدة من الدم والوجع ويغلق أبواب المستقبل في وجوه الأبرياء.

وشبوة اليوم تقف على حافة هاوية؛ إن لم يهبّ أبناؤها لوأد هذه الفتنة فإنهم سيدفعون الثمن من دمائهم وأمنهم ومستقبلهم.

لا فخر في ثأرٍ يأكل إخوتنا ولا شجاعة في قتل الأقارب.

إنها اللحظة الفاصلة: إما أن نكون عقلاء ونكسر هذه السلسلة اللعينة أو نكون شهودًا على خراب لا نهاية له.

 

ففي النهاية لا يبقى إلا الحزن وتبقى المقابر شاهدة على جنونٍ ما كان يجب أن يبدأ.

 

ختاما

فلنُحيِ فينا الضمير الذي يرفض الظلم لا ذاك الذي يبرّره.

ولنُعلِ صوت الحكمة فوق صراخ البنادق قبل أن نستفيق على جيلٍ لا يعرف من ماضيه سوى رائحة الدم ولا من حاضره سوى وجع الفقد.

 

اللهم ألّف بين القلوب وأغلق منافذ الفتنة وارزق شبوة السلام واجعلها أرضًا تُزهر بالحياة لا تنزف بالثأر.