ماذا بعد انتصار نشوة الموت على الحياة.!؟

2025-01-31 09:32

 

خذوا العبرة...! المشوار طويل، لا تركنوا على بقايا العفاشي (الدولة العميقة) فإنهم سريع الخيانة.. 

 

إن المرء الحصيف ذو البصيرة النافذة يدرك، سواء بوعي أو دون وعي، ما تتطلبه منه مراحل الحياة، لا سيما في الساحات السياسية التي تحتاج إلى ذكاء وحنكة استثنائية.. 

 

من الأقوال التي تنسب إلى الفيلسوف اليوناني سقراط نقطف هذه الباقة:

ليس العاطل من لا يؤدي عملاً فقط ، العاطل من يؤدي عملاً في وسعه أن يؤدي أفضل منه...! 

 

لقد كان العالم في فترات كثيرة من تاريخه منقسماً إلى معسكرين رئيسيين، وعلى الرغم من ذلك، لم يُتقن العرب، غالباً، فنون اللعب السياسي، إذ اكتفى كثير منهم بالجمود الذهني الذي قيّدهم ضمن قوالب محدودة، باستثناء قلة استطاعت، بمهارة ودراية، التعامل مع العالم الخارجي لخدمة أوطانهم. هؤلاء القلة كانوا مدركين تماماً لما يُطلب منهم، ووعوا كيف يفاوضون الطرف الآخر بأسلوب يُحقق مصالح دولهم وشعوبهم. ورغم أن مجتمعاتهم لم تدرك آنذاك قيمة جهودهم، فإن التاريخ أنصفهم، حيث برعوا في توظيف الدبلوماسية لتحقيق مآرب أوطانهم، حتى لو اتُّهموا بالرأسمالية أو الانفتاح المفرط على الآخر.

 

هناك رجال من الصعب أن تكتب عنهم أو عن مواقفهم لأنك تشعر بأنك مهما قلت أو ذكرت لن تستطيع أن تفيهم حقهم لأن مواقفهم خارجة عن المألوف، وليس من السهل أن تجد الكلمات..! 

 

في الجنوب العربي تحديداً، كان هناك رجالٌ من الطراز الدبلوماسي الرفيع، ممن أدّوا أدواراً عظيمة في الانفتاح على العالم الخارجي، متميزين برؤية استراتيجية وبُعد نظر قلّ نظيرهما. هؤلاء القادة، في ظل ظروف غاية في التعقيد، استطاعوا تعزيز مكانة الجنوب إقليمياً ودولياً. ومن بين هذه الأسماء الخالدة: محمد صالح مطيع، مهندس الانفتاح السياسي، وفيصل عبداللطيف الشعبي، الرجل الذي ترك بصمة واضحة في مسيرة العمل السياسي والدبلوماسي.

 

واليوم، ورغم مرور السنين، يبدو أننا لم نتعلم الكثير من دروس الماضي كشعوب، على الأقل. ومع ذلك، فإن هناك بعض السياسيين من ذوي البصيرة يدركون أهمية إعادة التوازن للدولة الجنوب وتأثيرها على الساحة الدولية، هؤلاء يعرفون أن النجاح في هذه المهمة يتطلب وجود شخصيات دبلوماسية مخضرمين يتمكن من لعب أدوار بحنكة واقتدار، وقادر على العزف ببراعة على أوثار السياسية الدولية، يمتلكون القدرة على إدارة الملفات بمهارة، وصياغة العلاقات الخارجية بأسلوب دبلوماسي ناجح، لتحقيق الهدف الأسمى،. (استعادة دولة الجنوب) 

 

إن الجنوب، الذي أنهكته الحروب ومزّقت نسيجه الاجتماعي ونهبت ثرواته، بحاجة ماسة إلى جهود مضاعفة للخروج من أزماته المتراكمة، وها نحن اليوم نقف أمام مفترق طرق حاسم، حيث أصبحنا أقرب من أي وقت مضى إلى الانهيار الشامل، من هنا، نوجه الدعوة لكل النخب السياسية في جنوبنا الحبيب أن تضع خلافاتها جانباً، وتساند المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يمتلك القدرة على إعادة الأمل إلى هذا الشعب الذي أرهقته المآسي... 

 

فالجنوب بموقعه الاستراتيجي، الذي جعله محط أنظار القوى الإقليمية والدولية، يحتاج إلى قيادات تمتلك مهارات دبلوماسية عالية لإدارة هذه المرحلة الحساسة، إن مقومات الجنوب وثرواته الهائلة وموانئه الاستراتيجية تشكل كنزاً لا حدود له، لكن هذا الكنز لن يُستثمر إلا من خلال شخصيات كفؤة قادرة على استغلال الفرص بحكمة ودهاء.. 

 

 ان أمام المجلس الانتقالي تحديات جسيمة، ولعلّ أبرزها ملفات الفساد السياسي في قصر المعاشيق التي تُعدّ جذور كل مشاكل الجنوب إن التصدي لهذه الآفة ضرورة مُلحة لضمان توفير الأمن والاستقرار، وتحقيق حياة كريمة للمواطنين، فالكهرباء، والمياه، والتعليم، والصحة، والمحروقات، وغيرها من مقومات الحياة الأساسية، يجب أن تكون على رأس أولويات العمل المجلس الانتقالي وعلى الرغم من التراكمات التي جعلت هذه الملفات شائكة ومعقدة، فإن العمل الجاد والمتواصل كفيل بإحداث تغيير حقيقي.

 

إننا، أبناء الجنوب، مدعوون اليوم للالتفاف حول المجلس الانتقالي الجنوبي ودعمها بكل ما أوتينا من قوة، لتتمكن من تحقيق حلمنا الكبير في استعادة الجنوب وبنائه من جديد. علينا أن نتجاوز ثقافة المحاصصة والتخوين، ونتحرر من قيود الشائعات والاتهامات الباطلة، ونتحد من أجل هدف سامٍ يُعيد للوطن مكانته.. 

 

ختاماً، أقول: لا تركنوا على الحكومة الشرعية وبقايا دولة العميقة العفاشي فإنهم سريع الخيانة، واتركوا المخلصين الوطنيين يعملون بعيداً عن المصالح الضيقة والحسابات الشخصية، ودعونا نمنح الأمل لشعب أنهكته المآسي..!! 

 

✍️ ناصر العبيدي