تتجدد النقاشات حول قضية شعب الجنوب العربي في ظل استمرار المشهد اليمني والجنوبي المعقد، حيث تتشابك القضايا السياسية والحقوقية في خضم المتغيرات الإقليمية.
قضية شعب الجنوب ليست جديدة، بل هي قضية تاريخية ترتبط بحقوق وطنية وسياسية لشعبٍ عانى من الاحتلال اليمني بعد حرب 1994، وتعرض لإهمال سياسي واقتصادي وقمع ومحو لتاريخ وثقافة بشكل ممنهج على مدار عقود، مع ذلك، تبدو الحلول تراوح مكانها، وَسط وعود متلكئة ومواقف متناقضة من أطراف النزاع والدول الراعية للصراع.
وعود مؤجلة وحلول مبهمة
منذ بداية الحرب اليمنية، ظهرت سردية شائعة تقول إن حل قضية شعب الجنوب العربي مؤجل إلى ما بعد حسم الصراع مع انقلاب الحوثيين، لكن هذه السردية قوبلت بتشكيك واسع من قبل العديد من المراقبين والسياسيين الجنوبيين، حيث يرى البعض أن هذه السردية هي مجرد غطاء لاستمرار التهرب من الالتزام بحل شعب القضية الجنوبية.
أبرز المنتقدين لهذه الرواية يشيرون إلى أن الأطراف التي تتحدث عن تأجيل الحل هي ذاتها التي كانت سببًا في الاحتلال ونهب ثروات الجنوب، وعلى رأس هذه الأطراف شخصيات مثل رشاد العليمي وطارق صالح وحميد الأحمر وآخرين، هؤلاء، حسب المراقبين، لم يُظهروا أي نوايا صادقة لحل القضية بالماضي، بل كانوا ممن قادوا حملات القتل والاعتقالات للنشطاء الجنوبيين وكانوا كذلك ممن شاركوا في نهب الثروات الجنوبية واليوم يسعون لإعاقة أي حوار جاد بشأنها.
اليوم، تبدو الحلول الودية أكثر تعقيدًا، إذ أصبح من الواضح أن الأطراف اليمنية تسعى لاستغلال شرعية الحكومة الدولية لتجنب أي التزام واضح بحل قضية الجنوب، متجاهلين المطالب الوطنية المشروعة لشعب الجنوب العربي.
خيارات الجنوب: بين الشراكة والتصعيد
أمام هذا الوضع، يبدو أن أمام الجنوبيين خيارين رئيسين: الأول: هو الاتفاق المسبق مع اليمنيين في الشرعية اليمنية، وهذا الخيار يعتمد على صياغة اتفاق واضح يُضمن فيه حق شعب الجنوب العربي في تقرير مصيره واستقلاله ضمن إطار زمني محدد، في حال تحقق هذا السيناريو، يمكن أن تشهد العِلاقة بين الجنوب واليمنيين في الشرعية تحسنًا يُسهم في تحقيق أهداف مشتركة، مثل مواجهة انقلاب الحوثيين.
الثاني: فرض الحل من جانب واحد وهو ما يجب على الجنوبيين القيام به إذا فشل الخيار الأول، حيث سيجد الجنوبيون أنفسهم أمام خيار التصعيد، سواء بفرض أمر واقع على الأرض بالرجوع إلى تحركات سلمية، أو اللجوء إلى خيارات أخرى قد تكون أكثر حدة، هذه الخطوة تحمل مخاطر التصعيد العسكري والسياسي، لكنها قد تكون الخيار الوحيد المتاح لضمان حقوق شعب الجنوب.
في ظل هذا التصعيد المحتمل، تبرز أهمية دور الشركاء الإقليميين والدوليين، لأن تجاهل المطالب المشروعة لشعب الجنوب العربي قد يؤدي إلى تعقيد المشهد اليمني والجنوبي بشكل أكبر، وربما يدفع الأمور نحو سيناريوهات أكثر خطورة وهو ما يتطلب من كل الجنوبيين توحيد الجهود السياسية والدبلوماسية لقطع الطريق على اليمنيين.
يبقى السؤال الأبرز: هل تشهد المرحلة المقبلة تحولًا حاسمًا في قضية شعب الجنوب العربي؟ وهل ستوافق الأطراف اليمنية في الشرعية على حلول عادلة تضمن حقوق الشعب الجنوبي؟ أم أن التصعيد والمواجهة سيصبحان الخيار الوحيد المتاح؟
الأيام القادمة ستكشف الإجابات على هذه الأسئلة، لكنها بالتأكيد ستُحدد مستقبل الجنوب العربي وكذلك المشهد اليمني.
*- نقلا عن الأيام العدنية