سيظل موضوع سقوط الأسد والنظام البعثي في سوريا بما له وما عليه، حديث المحللين والمعلقين السياسيين والإعلاميين لفترة قد تطول، ولن أتوقف هنا عند التفاصيل التي تتعلق بتاريخ الصراع في سوريا وخلفياتها وتفاصيل المشهد السوري عموماً واحتمالات ما بعد سقوط نظام العائلة الأسدية، بل سأتوقف على عجل عند أهم عبرة ينبغي أن يتعلم منها كل المتعاطين مع القضايا السياسية حكماً أو معارضةً ، تأييداً أو تنديداً.
تقول العبرة إن التمسك بأي قضية عادلة أو حتى غير عادلة، صحيحة أو باطلة، بالاعتماد على الدعم والإسناد الخارجي وإهمال مقومات وعناصر قوة القضية الكامنة في داخل المجتمع المعني بها، -هذا الاعتماد- يمسخ القضية من مضمونها (مهما كانت مشروعة وعادلة، ناهيك عن بطلانها أو ارتباطها بالطغيان والاستبداد)، ويحولها إلى لعبة بأيدي الداعمين.
ليس كل الداعمين أشراراً، لكن ليس هناك جمعيات خيرية توزع حريةً وتقيم دولاً وتنفق الملايين بصورة مجانية، فلكل داعم مصلحته من وراء الدعم الذي يقدمه، وله الحق في ذلك.
لقد وثق نظام الأسد بأنه يمتلك من القوة ما يمكنه من مقاومة إرادة الشعب السوري العظيم، وتوهم بأن الدعم الخارجي (الإيراني – الروسي والحزب اللاهي) سيحميه إلى الأبد من عقاب التاريخ، لكن وضع الداعمين تغير وبرزت لديهم أولويات ومصالح أخرى، ووجدوا أن حمايتهم لطغيان العائلة والحزب الأسديين ليس أهم من تفرغهم لمواجهة تحدياتهم، وبمجرد تخليهم عن الأسد المذعور انكشف وضعه وسقطت أسديته في أسبوع فقط، ولاذ الأسد بالفرار مثل كل الطغاة، تاركاً غابته الجميلة بتاريخها العريق وحضارتها التليدة وعظمة شعبها نهباً لمختلف التنبؤات والاحتمالات والتوقعات من أسوأها إلى أقلها سوءاً، ولا أتصور أن القادم سيكون مطمئناً إلا بعد توقف الخطابات والأقول والبدء بالممارسات والأفعال.
ولنا وقفات قادمة.