تعيش المحافظات الجنوبية حالة من الهدوء النسبي، إلا أن هناك قلقا يتزايد بين المواطنين بسبب تدهور الخدمات الأساسية. أصبح من الصعب التمييز بين المناطق المنتصرة في الحرب والمحررة، وتلك المهزومة والمحاصرة. يعاني السكان من انقطاع الكهرباء والمياه بشكل متكرر، وتدهور جودة التعليم والصحة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية نتيجة التدهور الاقتصادي المستمر. بذلك أصبح الجنوبيين محاصرين أكثر من الانقلابيين.
الرواتب الضعيفة الضئيلة والمقطوعة أحيانًا تزيد من حدة الأزمة، مما يؤدي إلى تعميق الفجوة بين المواطن والسلطات. ووضع كهذا يسبب استياءً واسعًا بين المواطنين، الذين يبحثون عن سبل لإشباع جوع أولادهم بدلاً من التفكير في مستقبل بعيد.
الوضع الراهن يثير مخاوف بشأن الاستقرار الاجتماعي. تسعى العديد من الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية لاستغلال أي تحركات جماهيرية للضغط على المجلس الانتقالي، مما قد يجبره على تقديم تنازلات غير مرغوب فيها. لذا، يجب أن يكون المجلس الانتقالي واعيًا لهذه المخاطر ويعمل على إدارة الوضع بحكمة.
المواطنون في الجنوب يعبرون عن رغبتهم في أن تفرض القيادة الجنوبية شروطها بقوة في أي تسوية، مؤكدين: “لا يوجد لدينا شيء نخاف أن نخسره، ومع ذلك تبقى معنا كرامتنا. افرضوا رأيكم ونحن خلفكم.” هذه الكلمات تعكس الإرادة القوية للمواطنين في عدم الاستسلام أو القبول بالتنازلات التي قد تضر بمصالحهم الوطنية.
إن أي كيان سياسي بدون قاعدة شعبية قوية سيكون ضعيفًا. لذا ينبغي تعزيز العلاقة مع المواطنين من خلال الاستجابة لمطالبهم بشكل فعّال وتحسين ظروفهم المعيشية. كما يجب الضغط على الجهات المعنية للتصدي بحزم للتصرفات الفردية التي تهدف إلى تشويه صورة القضية الجنوبية.
إن التحديات التي تواجه الجنوب تتطلب استجابة فعالة من جميع الأطراف المعنية. من خلال التواصل الفعّال والاستجابة لمطالب المواطنين، يمكن تحقيق مستقبل أفضل للجنوب، بعيدًا عن الأزمات والتوترات، وضمان الاستقرار وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية.
*- رائد عفيف