في مدينة عدن، يعيش سكانها كأنهم في محطة انتظار طويلة. يشبهون المهاجر الذي ظل حبيسًا في مطار شارل ديغول، عاجزًا عن مغادرة هذا المكان أو الوصول إلى وجهته، ينظرون حولهم على أمل أن يأتي شيء يغير هذا الواقع، فالمدينة، كبطل فيلم "المحطة" لتوم هانكس، تعيش وسط اضطراباتها، معلقة بين الحياة الكاملة والعزلة الكاملة.
في هذه المدينة، المحطات لا تحمل فقط معنى النقل، بل تحمل عبء الحياة نفسها. تتوقف فيها الكهرباء كما تتوقف الأحلام. عند كل انقطاع، يشعلون شمعة ليستطيعوا رؤية الأمل حتى لو من بعيد، أو يترقبون صوت المولدات، على أمل أن يعود النور، ولو لبضع ساعات، باتت الكهرباء محطة بحد ذاتها، وعند كل توقف يشعرون كأنهم فقدوا جزءًا من حريتهم، كالمسافر العالق في مطار غريب.
لكن، وسط هذا الظلام، هناك أمل لا ينطفئ، كما وجد بطل الفيلم في المحطة طريقه للإلهام والعمل رغم الظروف، يبقى في عدن أناس يجتهدون، لا يتخلون عن الأمل، ترى على وجوههم قصة انتظار وصبر، وفي قلوبهم تتجلى قوة تحمل نادرة، تذكرنا أن الصبر قد يكون طويلًا، لكن الظلام لن يبقى إلى الأبد..
*- جسّار مكاوي