كان واحدٌ من بين أهداف برنامجي في عدن هو زيارة الزميل والرفيق العميد مهيوب محسن سعيد أحد القادة الأبطال في الجيش الجنوبي، خلال فترة السبعينات والثمانينات حتى العام 1994م.
في العام 1969 التحق الفتى مهيوب بقوات الحرس الشعبي الذي أصبح في ما بعد أحد روافد القوات المسلحة الجنوبية الفتية، وقد تميز الفتى مهيوب بالذكاء والفطنة والتفوق الدراسي والمهني.
تلقى مهيوب عدداً من الدورات الدراسية في القيادة العسكرية، في جمهورية ألمانيا الديمقراطية والاتحاد السوفييتي، وكان مهيوب دائماً عنواناً للتفوق والتميز من بين جميع زملائه الشباب الذين رافقوه في رحلة التعليم والعمل الميداني العسكري.
ترقى الجندي ثم ضابط الصف ثم الضابط الشاب مهيوب ليصل إلى رتبة عقيد من خلال فترة الخدمة في العمل القيادي، ثم في سلك الاستخبارات العسكرية، وكان رفقياً دائماً للشهيد اللواء أحمد سيف المحرمي اليافعي.
وتميز مهيوب بالشغف بالقراءة والميل إلى اقتناء الكتب في جميع المجالات في الأدب والشعر والثقافة العامة والرواية وخصوصاً في التحليل السياسي والعسكري، فضلاً عن ثقافته الواسعة في المعارف العلمية العامة وفي مجال المعلومات التاريخية والجغرافية والعلوم العسكرية الحديثة.
بعد العام 1990-1994م عين مهيوب ملحقاً عسكرياً في سفارة اليمن لدى سلطنة عمان، وبقي هناك حتى جاء العام 1994م وشن الحرب على الجنوب وإسقاط الدولة الجنوبية ووأد المشروع الوحدوي تحت سنابك دبابات (الزعيم الرمز) وحلفائه فغدا مهيوب واحداً من مئات الآلاف من الكوادر الجنوبية التي شكلت ما سماه الجنوبيون (تندراً وسخريةً) حزب "خليك بالبيت" وهو تعبير عن جيش المقصيين قسراً من الوظائف الحكومية العسكرية والأمنية والمدنية من الجنود والضباط والموظفين المدنيين الجنوبيين.
منذ نحو أربع سنوات تعرض مهيوب للإصابة بورم في الجهاز الهضمي، وتنقل بين عدة مستشفيات في الداخل والخارج، في محاولة لاستئصال الورم، وقد أمضى مؤخرا قرابة السنتين في جمهورية الهند في رحلة علاجية كلفته عشرات الآلاف من الدولارات، معظمها تحملها العميد مهيوب على حسابه الخاص، وبعضها ديون ما يزال العميد مطالباً بتسديدها.
رغم حالته الصحية الحرجة ما يزال مهيوب يتمتع بتلك الحيوية والشغف بالحياة ومتابعة التطورات والأحداث وكل ما تشهده الساحة الجنوبية من تفاعلات وحروب ومكائد وما يتعرض له أهلنا الجنوبيين من حروب الخدمات وسياسات التجويع.
حالة العميد مهيوب ومعه العديد ممن تمكنت من زيارتهم واللقاء بهم من ضحايا الأمراض الفتاكة والمزمنة وبالتحديد من ضحايا الإهمال المتعمد من قبل المؤسسات التي يفترض أنها مسؤولة عن هؤلاء الكوادر الذين أفنوا حياتهم خدمة لهذا الوطن ، وتلك المؤسسات، أقول هذه الحالة تبين الانهيار القيمي والمؤسسي والأخلاقي الذي أوصلتنا إليه شرعيات 1994م وما بعدها، هذه الشرعيات التي حولت الشعب الجنوبي إلى عدو رئيسي ينبغي استئصاله من الوجود، بالحرب المسلحة والعمليات الإرهابية حيناً وبالحروب غير المباشرة أحياناً كثيرة وهي تلخص علو شوكة الفساد والإجحاف والإقصاء والاستئصال بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
ابتهل إلى الله العلي القدير أن يشفي العميد مهيوب محسن سعيد ويعافيه ويمده بالجلد والصبر وقوة الإرادة في مواجهة الأوجاع والآلام الجسدية وآلام مواجهة الظلم والقهر والتهميش.
"وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا".