هل تتبنى مشاورات عمان فكرة نقل العاصمة كخطوة لإعادة رسم المشهد السياسي في اليمن؟
في الآونة الأخيرة، تشهد عمان حراكاً سياسياً مكثفاً وزيارات مكوكية من قبل رعاة العملية السياسية في اليمن. هذا الحراك، الذي ترددت أصداؤه في وسائل الإعلام وضمن التسريبات والتصريحات المختلفة، يأتي في إطار محاولات المجتمع الدولي لإحداث اختراق في الأزمة اليمنية عبر تقديم مقترحات وحلول جديدة، والاستماع إلى جميع الأطراف.
ومع ذلك، من الواضح أن هناك أطرافًا مهمة، مثل تهامة، لم تحصل على تمثيل مناسب في هذه النقاشات، وهو أمر يثير التساؤلات حول جدوى هذه المحادثات. إن الهدف هنا ليس مجرد الترقيع أو ترحيل الأزمات للمستقبل، بل تقديم حلول مستدامة ودائمة. لكن للأسف، لم تظهر أي مؤشرات على وجود أفكار جديدة أو حلول جذرية في هذه اللقاءات.
أحد النقاط المحورية التي يجب أن تُناقش بجدية هي فكرة نقل العاصمة. هذه الفكرة، التي أعتبرها شخصيًا من أهم النقاط، يمكن أن تساهم بشكل كبير في تخفيف التعقيدات السياسية. نقل العاصمة قد يخفف من قبضة السيطرة التي تفرضها المناطق المحيطة بصنعاء، وهو ما يتفق عليه العديد من النخب اليمنية.
النقاش حول نقل العاصمة يمكن أن يكون بداية لحل شامل، حيث يضع مصداقية الأطراف المسيطرة على المحك ويُختبر فيها استعدادهم لشراكة حقيقية مع جميع اليمنيين. ولكن للأسف، النقاشات الحالية تبدو وكأنها تسعى لإبقاء الوضع على ما هو عليه، أو إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 2015، وهو ما يعكس رغبة القوى السياسية المتحاورة في استعادة سيطرتها المركزية التي أوصلت اليمن إلى حالته الحالية.
إن أي حوارات لا تشمل جميع المناطق والكثافات السكانية والهويات المختلفة لا تمثل اليمنيين حقًا، ولا تساهم في الوصول إلى حل شامل ومستدام للأزمة. يجب أن تكون النقاشات شاملة وعادلة، تعكس التنوع السكاني والجغرافي لليمن، وتضمن تمثيل كل الأطراف والمناطق.
المجتمع الدولي والإقليمي يمكن أن يكون مساعدًا في هذه العملية، لكنه لا يستطيع فرض حلول سحرية تخرج اليمن من أزمته. لذلك، يجب على صناع القرار اليمنيين أخذ زمام المبادرة نحو تغيير جذري يشمل نقل العاصمة، وتوزيع السلطة بشكل أكثر عدالة، وضمان تمثيل كل الأطراف والمناطق في النقاشات السياسية.
فقط من خلال ذلك يمكن تحقيق اختراق حقيقي يخرج اليمن من أزمته الطويلة، ويؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية.
*- عبدالمجيد زبح – كاتب وسياسي تهامي