22 مايو 90 ليس حدثاً تاريخياً عظيماً ،هذه العبارة هي احدى وجوه الأكاذيب التاريخية التي تتمسك بها النخب الشمالية ، وتجاهد للتعايش معها في مصادمة مضنية لحقائق التعايش المشترك بين البشر ، وموازين ثابتة لتقييم الاحداث ، وفي حالة من التهرب والتنصل من اي نقاش حتى لو كان نقاشاً من اجل استخلاص العبر والدروس لئلا يتكرر نفس السيناريو الرهيب .
هكذا تضع هذه النخب العبارة كإحدى المسلمات الوحدوية غير القابلة للنقض بالوقائع والآثار الملموسة .
22 مايو 90 كان حدثاً كبيراً، لكنه حدث ناتج عن قرار سياسي خاطئ وكارثي ، وبهذا تكون العبارة الصحيحة انه كان ”حدثاً كارثياً رهيباً “
لم يصنع الاهداف النظرية والعاطفية المعلنة التي كان من المفترض وفق صناع القرار ان يصنعها ، وانما صنع نتائج عكسية تماماً وكلها نتائج قاتلة وناسفة لفكرة الوحدة والاتحاد من الجذور .
القرارات السياسية تصنع أحداثاً والاحداث التي تصنعها تقيم بالنتائج المرجوه من القرار .
النتائج وليس الاهداف والشعارات والنوايا الحسنة
صنع القرار السياسي في عدن وصنعاء حدثاً صبيحة 22 مايو 90 حدثاً ضخماً هذا صحيح ، لكن نتائج هذا الحدث كانت كارثية بكل معنى الكلمة للدرجة التي جعلت كلمة جميلة مثل ” الوحدة “ تتحول لكابوس مرعب لدى شريك القرار والحدث ومن خلفه من شعب . والهاً يقدس لدى الشريك الاخر ومجتمعه يخلق استعداد دائم للعدائية وسفك الدماء لفرض الكارثة مرة تلو الاخرى وفق رؤيته ومصالحه .
لو كان 22 مايو 90 حدثاً عظيماً وجميلاً وتاريخياً لما نتج عنه هذه الانهار من الدماء واهدار المقدرات وهذا الكم من الأحقاد والضغائن والجروح التي لاتندمل .
القرارات العظيمة والحكيمة تخلق أحداثاً عظيمة وتغير الواقع ، تنهي الصراعات ، تعزز وحدة الشعوب ، تذهب بها للشراكة ، والتنمية ، والسلام ، وتحول المتناحرين إلى اخوة مترابطين .
والقرارات الكبيرة الخاطئة تصنع أحداثاً كبرى ثمارها خراب ودماء وتناحر ، حتى لو كانت مغلفة بأهداف جميلة براقة ، فالعبرة بالنتائج .
كان بالامكان يومها صنع قرار صائب وحكيم ينتج حدثاً يذهب بالطرفين والشعبين لنتائج ايجابية من التكامل والتعاون والانفتاح والشراكة .
ولو ان ذلك ماتم فعلاً ولمس الطرفين في الدولتين سلطة وشعب نتائج ايجابية لصحت عبارة " الحدث التاريخي العظيم “
التصحيح للخروج من الكارثة التاريخية العظيمة التي ولدت في 22 مايو وخلق واقع جديد يذهب نحو السلام والحياة والتعايش ..يحتاج شجاعة في مراجعة كل الادبيات الوحدوية المقدسة وهذا ماتفتقده نخب وقادة السياسة والرأي في الشمال .