لا يوجد في العلاقة مع الدول "انا كنا صادقين" مع الطرف "ب او ج" لأنه لا يوجد في سياستها بُعد اخلاقي ولا انساني تضع الصدق فيه ، هذا البُعد مكانه في مساحات الوعظ والترويج الاعلامي انما توجد في سياسات الدول وعلاقاتها مصلحة فقط ، هذه المصلحة تتحول الى آلة بلا اخلاق ولا مشاعر وهي تدوس المصالح التي تعترضها مع ناسها وحقوقهم ، ان استطاعت بل تجنّد الوعظ والاعلام لتشويههم!!
لا يهم ما قاله المسؤول الفلاني في الدولة الفلانية بان عاصفة الحزم كانت لإستئصال شآفة الوجود الايراني من صنعاء فذاك حلم الليلة الاولى لكن حالت دونه "جبال ورجال" وقد تكون عضدتها خيارات دولية!! وجعلت العاصفة تدور في دائرة مفرغة والحوثي/ الزيدي او كما تسمية بعض الاثني عشرية "شيعة الشوارع" صار أمرا واقعا عصي على الاقتلاع ، على الاقل في الشمال مجاله التاريخي!! ، له مليشياته التي سيفرض رواتبها وسيدفعون - بشرط ان ينضبط ولن ينضبط لهم-!! ، وسيتعامل معها المشروع "الامامي" بانها استراحة محارب لها مابعدها، فالحوثي صار يملك علاقات دولية واقليمية لن تتخلى عنه وزودته بصواريخ ومسيرات تهدد عقد الاقتصاد في دول التحالف وبالذات المملكة التي تسعى جاهدة لتحقيق حلم السعودية 30 ولجوءها لخيار السلام مع الحوثي جاء على قول العربي "مكره اخاك لابطل"
مصلحة المملكة بعد ان فشلت في حربها توجب عليها البحث عن حل فلا حرب الى ما لانهاية!! ، وامامها معضلتان هما: الاولى الحوثي والحرب معه وتكاليف وتعويضات الحرب ، والثانية تواجد اكبر كثافة بشرية في الجزيرة العربية على جبال اليمن بموارد هزيلة وتريد حلهما على حساب الجنوب العربي بحسبة المصالح التي لايهم فيها شيعة وسنة وحوثي وسلفية وشرعية وصفوية ..الخ من المفردات تحشيد الحرب! ولا يهم لتحقيقه ازاحة المشروع الجنوبي ؛ لو امكن؛ أو فصل المحافظات النفطية ، لو امكن ايضا، ليس حبا في شعبها لكن يُراد لها ان تكون محافظات التعويضات وحل اشكالية الكثافة في الشمال!!!
صاروا يقبلون الحوثي الان زيديا او هكذا يمكيجونه! وتحولت الحرب في خطابهم الاعلامي الى ازمة في اليمن وكان ليلة عاصفة الحزم صفويا ايرانيا يهدد الامن القومي العربي والخليجي لابد من اجتثاثه لان حربه حرب وجود !!
ان رهان الجوار على تناقض الزيدية مع الاثني عشرية كالرهان على النصر ليلة عاصفة الحزم فتبعية الحوثية متماهية مع الاثني عشرية ترسل دعاتها وطلابها الى "قم الخمينية" حتى ضاقت هوامش التناقض بينهما بل تماهت في المدرسة (الجارودية / الحوثية) التي خلافاتها مع الاثني عشرية ضئيلة، والخميني ايضا لم يؤسس نظريته للامامية الاثني عشرية فقط بل لتشمل كل "مدارس واتجاهات الامامية" والزيدية منها ضمن النظرية الامامية التي وضعها الخميني ألم يقل السيد الشامي من عقود قريبة خلت "ولنا اخوة كرام بفارس"!!
تحقق قول السلفي صالح المقبلي الذي تناقلته الالسن: "ائتني بزيدي صغير اخرج لك منه رافضيا كبيرا" وهذا القول السلفي مع انه تجسّد في الحوثي لكنه جاء ولم تعد السياسة ومصلحتها تضع البعد السلفي ركنا من اركانها ما يفرض على السلفية الجنوبية ان تستوعب ذلك التغيير العميق "ولا تكون كالاطرش في الزفة" بل عليها ان تنتمي وطنيا لجنوبها العربي فالشمال "متحوث " شاء من شاء وابى من ابى ، وعلى الاقل لايشتعل الجنوب نارا باسم جهاد لا ناقة له فيه ولا جمل ، فان لم يكن لهم خيار وطني وحاربوا على اسس وغايات سلفية فستاتي مرحلة ويتم التخلي عنهم ويوصمون بانهم جماعات ارهابية والحالة الافغانية وغيرها ماثلة لهم!!
لا تاتي الحملات الاعلامية الا لتحقيق اجندة وازاحة اجندة والتغطية على اجندة وهذا ما يُلاحظ في التراشق الاعلامي لكنها لن تغيّر الحقائق والوقائع على الارض ، ومشروع الجنوب يدرك ان لا ضمانات اقليمية ولا دولية الا قوته على الارض وقدرته في ان يدافع عن مصالحه بكل الطرق والوسائل والاساليب والخيارات المتاحة امامه ، وتحصين الجبهة الداخلية وضرورة تقارب وجهات النظر من اجل الجنوب وانه للجميع اما الولاء للاحزاب الشمالية مهما كان خطابها فلن يفيد اي جنوبي لا نخب ولا مناطق بل سيؤسس ان الجنوب وطنا بديلا لهم
ان مصالح الجنوب لا تتعارض مع مصلحة الامن القومي العربي بقدر ماهي عامل مساعد له على عكس المشاريع الاخرى التي تشكل خطرا كبيرا على مصلحة امن واستقرار المنطقة العربية وعلى الملاحة الدولية
إن عدن لن تكون وطنا بديلا ، والسلام الهش لن يتحمل اضطرابات عنف مهما اظهر من خطاب قوي
16 فبراير 2023م