بخطىً ثقيلة نترنح على أديم شريط حياتنا المُتخمة بالويلات، فنحن ننام مثقلي الرؤوس بهموم الديون والغلاء، ومن أنين أطفالنا الجوعى وإنعدام الخدمات وخلافه، ونصحوا على كابوس كيف سنواجه يومنا هذا ومابعده، واليوم نحن بدون بنزين وبدون غاز للطبخ وحتى بلاكهرباء ! والأكثر إيلاماً أن لابارقة أمل لحل جذري في الأفق.
ثمّة معطيات تفردُ للمرء شيئا عن كِنة هذا الواقع، منها: الخيبة تماماً من أداء الجيش الوهمي للشرعية في جغرافيا الشمال ، وتدليل الحوثي دولياً وتحصينه في مكامنٍ ما ، والعبث الممنهج بالبنك المركزي والإقتصاد عموما ، وايضاً رسم بؤر تسخين وإخماد أوار المواجهات على خارطة الحرب ، وكذلك ثبوت تموضع جيوش الشمال النائمة تماما لسبع سنوات على تخوم النفط في جنوبنا ، والأغرب في الإصرار على إستمرار تعطيل مصفاة عدن عمداً ، ومؤخراً نسمع عن تموضع قوات طارق عفاش في المواقع التي حرّرها عمالقتنا الجنوبيين في شبوة مؤخراً !
كل هذه خفايا يكولسها المتحكمون بالملعب هنا ، وهم السلطة الشرعية بعلم ومشاركة الرعاة في الإقليم ، وبالقطع اللاعبين الكبار دولياً ، وكمثال : فهؤلاء يصمتون على عدم توريد الشمال – تحديداً مأرب وتعز – لإيراداتهما الى البنك المركزي في عدن ، أو هم يوردوا على وجه الدقة 0,8% من كل مواردهم ، وفي الوقت عينه يسحبوا كل نفقاتهم الفلكية ومرتباتهم من هذا البنك الذي كل إيراداته من جنوبنا بشعبه المنهك ! وهذه معادلة مختلة ، وهي إمعاناً في إنهاك جنوبنا الذي تخاذل شعبه بكل أسف بالصمت على كل ذلك .
بتفاقم حالة الإفقار الممنهج لجنوبنا ، ومعها تتغول كل مظاهر الإنحلال القيمي وصور التفسخ فيه ، وهذه تأتي في تفاقم إنتشار المخدرات ، وتنامي أنشطة الجبايات والنهب والإثراء غير المشروع للبعض ، وإنهيار التعليم وزيادة التسرب منه ، ناهيك عن إنتشار السلوكيات البلطجية والفوضى .. إلخ ، هنا تتسع مساحة الإنفلات القيمي والتحلل المجتمعي ، ويترتب عليها إنهيار المجتمع أو على الأقل جيلا كاملا فيه .
لذلك تطبقُ الغشاوة على عيني كلما أفكر ياترى كيف ستكون دولة جنوبنا المُؤمّل عليه ؟ ثم نحن الجنوبيون لانُبدي أي مقاومة لصور التّجريف القيمي الممنهج الذي يغتالنا ، وقد يقول قائل : عندما تأتي الدولة سيتغير كل شيئ ، وهذه قراءة تسطيحية ومبتسرة للواقع ، لأنّ الطّحن في الشعوب وتدميرها بأجيالها ، هنا لاتعيدها الفرامانات والقرارات ، وإنما إعادة البناء والتأهيل بجهد عقودٍ من السنين ولاشك .
لقد حشرونا قسراً في نفق لامتناهي ، ونحن نتمسك بإتفاق الرياض الميت سريريا منذو ولادته ، وفي الوقت عينه يتلاحق الضرب المبرح تحت الحزام لجنوبنا ، وتجري عملية خلخلتنا وٱنهاكنا بحذقٍ وخُبث ، وهذه القراءة ربما هي بعيدة تماما عن أذهان قيادتنا في الإنتقالي ، ولأنّ مايجري لاتفسير ٱخر له ، خصوصا والعسف والتجويع والطحن في جسدنا قد تفاقم بصورة أكثر هولاً وبشاعة بعد إتفاق الرياض إيّاه ، أليس كذلك ؟!
✍️ علي ثابت القضيبي
الخيسه / البريقه / عدن