نحن نؤمن بتعدد الآراء وتنوعها ونؤسس لثقافة جنوبية جديدة من التسامح والتصالح , هذا المبدأ السامي والنبيل الذي مثل البرنامج السياسي والعقيدة الايديولوجية لانطلاقة الحراك السلمي الجنوبي الذي انطلق من مقر جمعية ردفان الاجتماعية الخيرية في عدن عام 2006م وهو ما يجعلنا اكثر حرصا على سلامة خيار نضالنا السلمي الجنوبي الذي تميزت به قضيتنا الجنوبية ما جعلها قضية وطنية عادلة في نظر كافة الاشقاء والاصدقاء رغم كافة محاولات نظام الرئيس اليمني المخلوع في التشويش عليها بما فرضه عليها من تعتيم اعلامي ممنهج ومدروس .
لذلك لا ينبغي ان نتوقف عند التغني بمنجز ” التسامح والتصالح ” بل علينا أن نعمل على تطويره , اذا ما اردنا الحفاظ عليه باعتباره عنوان انطلاقة الثورة الجنوبية وبرنامجها السياسي الذي يتطلب العمل العقلاني المؤسسي لتطويره ضمن مصفوفة حقوقية قانونية تسمى “قانون العدالة الانتقالية الجنوبية” الذي نسعى الى ” اجماع وطني جنوبي ” من التوافق على صياغته بما يؤمن ويكفل ويصون حقوق كل ابناء الجنوب على غرار تجربة جنوب افريقيا التي عالجت اعقد عملية سياسية في العالم واسواء اشكالية اجتماعية من التمييز العنصري المنبوذة دوليا , الذي ساد جنوب افريقيا طوال حقبة زمنية قاسية من العبودية المقيتة والتمييز العنصري المهين , الذي اعقب سقوط نظام جوهانسبرغ ومجيئ القائد الاممي الثائر نيلسون مانديلا وارساء دعائم التصالح والتسامح بين السود والبيض بقانون “العدالة الانتقالية” الذي اسدل الستار عن اسواء حقبة اجتماعية من التمييز العرقي ونظام الفصل العنصري عرفتها جنوب افريقيا دون سواها من مناطق العالم .
لنكون واضحين مع بعضنا لطمأنه شعبنا اولاً واشقاءنا واصدقاءنا ثانياً .. بعدم العودة الى الماضي الحزين ومآسيه الاليمة وعلى اسس حقيقية من التكاتف والتضامن والثقة المتبادلة بين كل الناس .. ونحن نثمن كل ما تعرضت له بلادنا , ارضا وانساناً من عدوان همجي متخلف , وما اجترحه شبابنا وشاباتنا وشيوخنا ونساءنا من تضحيات جسام في مواجهة تلك السياسات الاحتلالية الاستيطانية الرعناء لدعاة ” الوحدة او الموت ” و “وحدة وحدة بالقوة” ومساوئها اللعينة , جراء السياسات الصبيانية المغامرة التي ساقنا اليها النظام الشمولي للحزب الواحد الذي “لا صوت يعلو صوته” الذين انفردوا كالعادة بقرار اقحامنا شعب مستقل عرف الدولة والحياة المدنية قبل مئات السنيين , وزجوا به في وحدة مع عصابة من البلاطجة وقطاع الطرق والنصابين , وادعوا لأنفسهم التفاخر بما اسموه ” مشروعهم الحضاري ” حتى غادروا هذا المشروع الوهمي بعد ايام من دخوله لينزلوا الى الشوارع يطالبوا بدولة النظام والقانون التي دمروها بنزقهم الثوري المغامر بأيديهم , وبشطحات الغلو القومي المتطرف ونزعة المبالغة بالعناق العروبي الساذج , وبتوقيعات اقلامهم البليدة البلهاء , التي اوقعتنا فريسة سهلة ولغمة سائغة في فك غول وحشي مفترس , لا تجدي كلمتا “فك الارتباط” الفكاك منه على المنظور القريب , واضاعوه بغمضة عين , كشعب عربي عريق في المنطقة وكدولة متحضرة كانت تمثل رقم هام في المعادلة الدولية وفي المنطقة تحديدا , هذا الوطن الذي نسعى مع كل العقلاء والخيرين والمناضلين الاكفاء والمخلصين وكفاء اته السياسية والعلمية والاجتماعية والمدنية والمهنية المقتدرة لتخليصه من محنته , لنؤسس لمستقبل امن ومستقر لأجياله القادمة في وطن يتسع للجميع , في جنوب جديد قادم بأذن الله .
ولأننا نؤمن بهذه الثقافة وننطلق من هذه الاسس والمفاهيم الراسخة لقواعد “التصالح والتسامح ” لم يكن لنا أي رفض او ممانعة مع إخواننا الجنوبيين ممن رأوا أن دخولهم “الحوار الوطني” ضمن أجندة الخيارات الممكنة والمتاحة التي أملتها محددات السياسات الموضوعية للدول الراعية للحوار , ممن ارتأوا فيه فرصة سانحة لعودة قضية الجنوب مرة اخرى الى طاولة التدويل من بوابة الحوار الوطني واستقلال ” اللحظة الممكنة والمتاحة ” وكخيار لا مفر منه , ولا بد منه اجلاً ام عاجلا , الذي ذهبوا اليه بإرادتهم وتحملوا كل الاتهامات الباطلة والاشاعات المغرضة التي وصمهم بها اخوانهم من الجنوبيين الاخرين ممن ما زالوا منشدين الى عهود الماضي السحيقة وثقافة الشعارات المتحجرة مثل “ثورة ثورة .. يا جنوب” وغيرها من الشعارات التي تذكرنا بعهود السبعينيات مثل (ثورة ثورة .. لا اصلاح) و (عنف بالعنف لولا العنف لقطاع ما مات) الــــخ !
شخصياً احترم خيارهم مثلما احترم أي رأي ورأي آخر.. لا ينبغي تخوينهم او التشكيك بوطنيتهم او الانتقاص بكفاءاتهم او الاستخفاف بهويتهم !
وها هي مواقفهم اليوم في مؤتمر “الحوار الوطني” تنتظم في سياقات مساراتها المتعددة كل يوم اكثر واكثر مع خيارات شعبهم الابي ونضاله العادل من اجل الحرية والاستقلال !
وما ادلى به الزميل الكاتب والصحافي القدير والسياسي المخضرم الاستاذ / لطفي شطارة ابن عدن الحبيبة راسخ الهوية والمنشاء والجذور الجنوبية الاصيلة , في تصريحاته الصحفية التي ادلى بها اليوم قائلاً (( “نرفض تصريحات المسئول الإعلامي في اللجنة العليا الانتخابات القاضي عبدالمنعم الارياني الذي حدد يوم 15 أكتوبر موعدا للاستفتاء على الدستور، ولا أدري من أين جاء بهذا التاريخ؟ ونحن نقول له الدستور لن يصاغ ولن يتم الاستفتاء عليه ولن تشكل لجنة لصياغته إلا بعد انتهاء مؤتمر الحوار والذي سيحدد العلاقة بين الشمال والجنوب”.
واعتبر لطفي شطارة أن الأرياني بذلك التصريح أراد إرسال رسالة لاستفزاز الشارع الجنوبي باعتبار أن هذا الموضوع سابق لأوانه ولأن هذا اليوم لم يتوافق عليه أحد، كما لم يتم التوافق بعد على شكل الدولة ومستقبل العلاقة بين الشمال والجنوب وهذا هو مربط الفرس في مؤتمر الحوار الوطني؟.
وبشأن الانتخابات الرئاسية المقررة في فبراير من العام المقبل، قال شطارة “الجنوبيون لن يشاركوا في أي انتخابات مقبلة، إذا لم تحل القضية الجنوبية فلا يمكن أن تكون هناك انتخابات رئاسية أو برلمانية أو استفتاء على الدستور إلا بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني ونحن نريد فك الارتباط مع الشمال بشكل سلس وإذا لم يتحقق ذلك فتقرير المصير والأمم المتحدة هي التي تحدده، وسنحيل الملف إلى الشارع الجنوبي)) .
كل ما اورده شطار بحنكته السياسية المعهودة وكياسته المهنية الاعلامية الكفؤة , يزيل الشك والغموض لما لحق بهم من اشاعات وشبهات وكل ما كان يساور الاخرين من مخاوف وشكوك نحوهم , اضافة الى اوراق العمل التي قدمتها مجموعات فرق العمل الجنوبية وما تضمنته من الرؤى والحلول السياسية التي قدمها الجنوبيين على اختلاف وتنوع مجموعاتهم والتي اجمعت كلها على حق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره وحقه في استعادة ارضه المغتصبة وثروته المنهوبة ودولته كاملة السيادة والاستقلال على كامل ترابه الوطني بحدوده الدولية المعروفة !
وما قاله بالأمس خالد با مدهف وما اشار اليه كل من ابا سند قائد فريق حمائم السلام الجنوبية وتمام باشرا حيل عقل القضية الجنوبية وخالد باراس شيخ الحراك الجنوبي وياسين مكاوي صوت الضمير الجنوبي واحمد القنع رمز القناعة الجنوبية وصوت الجنوب الهادر والدكتور حلبوب رمز الكرامة الجنوبية والاستاذة القديرة رضية شمشير مدرسة المدنية الجنوبية المتحضرة والمرأة المحامية العنيدة حديدية القضية الجنوبية والناشطة السياسية الخلوقة وفاء فتاح سياج الحقوق والحريات وحقوق المرأة وحقوق الانسان والناشطة اللبيبة ليزا الحسني زبدة ووهج القضية الجنوبية وغيرهم ممن لا يتسع الهامش لتعداد وذكر اساميهم , هذه “الكوتا الجنوبية” النقية والمتألقة ممن ابهروا المجتمع وكافة من تابعهم من المعنيين بالقضية الجنوبية اقليميا ودوليا بكل ما عكسوه في اطروحاتهم ونقاشاتهم الثرية على مدى ثلاثة اشهر من الكفاح السياسي والدبلوماسي السلمي خلال النصف الاول من الحوار الوطني الذي اعادوا القضية الجنوبية الى واجهة الاحداث لدى دوائر الاهتمام الدولي .. والذين يستحقون ان نحني لهم رؤوسنا فردا فردا لما اجترحوه من تضحيات جسورة ولما صنعوه من ملحمة نضالية عظيمة تستحق اكرامهم العرفان بالجميل ! بدلا من تخوينهم من قبل بعض المزايدين وضعفاء النفوس ! هولا النوارس الا يمثلون الشعب الجنوبي .. الا يستحقون كل هذا الجميل !
ما قاله اليوم الاستاذ لطفي شطارة : هو خلاصة الرد على الذين ضلوا وما زالوا ينعقون خارج السرب وخارج التاريخ الى يوم الدين ..وهو ما يطمئنا ان القضية الجنوبية ما زالت بخير .. وان نقاط الالتقاء والتقارب تزداد وضوحا وتقاربا كل يوم اكثر واكثر بين كافة اطراف العمل الوطني الجنوبي وجماهير الجنوب قاطبة , بما يرسخ أيمان كل جنوبي في تمسكه بحقه في الحرية وتقرير المصير واستعادة الثروة المنهوبة والدولة المسلوبة والارض المغتصبة كاملة السيادة الغير منقوصة وبأقل كلفة من الخسائر والتضحيات المكلفة وبما يجعل العالم من الاشقاء والاصدقاء يطمئنون على مستقبل الجنوب الجديد ومستقبل المصالح العليا المشتركة التي تربطنا وتجمعنا بالجوار الاقليمي والمنظومة الدولية بما يسهم ويعزز من تأمين الاستقرار في المنطقة وحماية الامن والسلام الدوليين .
* ناشر ورئيس تحرير موقع “عدن الان” الاخباري