في ذكرى الرحيل المبكر لرفيق الصبا القاضي الحداد

2021-11-15 16:14
في ذكرى الرحيل المبكر لرفيق الصبا القاضي الحداد
شبوه برس - خـاص - المصينعة

 

 

*- بقلم سعيد صالح أبوحربه

اليوم امتشق القلم لاسطر على الورق كثيرا مما تختزنه جوارحي عن اخي وصديقي وزميلي ورفيق دربي الحبيب القاضي علي احمد الحداد.

  اليوم نحن في شهر نوفمبر 2021 وبعد يومين يهل علينا يوم الخامس عشر منه  ستؤشر ساعة الزمن بمرور عقد كامل على ذلك اليوم الاسود الذي تلقينا فيه خبر وفاة رفيق المعلامه، رفيق المدرسه، وزميل الصباء

  نعم ستكون قد مضت علينا عشر سنوات منذ انتقال روح القاضي الطاهره إن شاء الله الى الدار الاخره نسأله الله تعالى ان يتقبله في الدرجات العليا بالجنه وان يلاقي في رحابها الاعزاء والديه ومحبيه انه سميع مجيب.

     ماذا عساي ان اكتب من ذكريات تملأ الزمان بكله عن رفيق درب قل لم اعثر على  مثيل له في الشجاعه والشهامه والصدق والاخلاص والاخوه.؟؟

  ماذا علي ان اجتزئ من ذكريات هي بالواقع متجذره ومتمركزه بالذاكره حيث عشنا ثنائي في مواقف عصيبه واخرى جميله واخرى ظريفه.

  الله عليك ياقاضينا الشاب  كم فقدناك وكم خسرناك. وكم لافتقادك خسارتنا كبيره وكبيره وكم هي المواقف التي تبرز لنا في كل حين فداحة غيابك المبكر عنا ايها الحبيب علي بن احمد وكم حجم هذا الغياب في هذا الزمن العصيب والصعيب.

 

  القاضي علي يساوي قصة نضال وقصة كفاح حياة..وقصة مواقف .. وقصة رجوله،  وقصة خدمة مجتمع،  وقصة حق.

  الكتابه عنه تحتاج صفحات وصفحات لاتكفي للمرور على الاف الحكايا الجميله والرائعه والمدهشه للرجل الذي نجد ابلغ توصيف له وابلغ تعبير عن مدى كارثية فقدانه من عموم محبية ماقاله  الشاعر بن هارون سالم صالح وقد صدق عندما وصفه ووصف فراقه بالقول. ب:( سقط العمود)

 

 ذكريات الصباء والمراهقه

""""""""""""""""""""""""""""""""

- لقد عشنا طفوله واحده حيث التحقنا في يوم واحد بمدرسة المصينعة الابتدائيه عند افتتاحها في نوفمبر 1962م وفيها تتلمذنا في الصفوف الابتدائيه مع بعض.

- كثيرا ماكان المرحوم ،يبدو مشاغبا ليس الاّ، لانه شجاع …وعنيد في الحق منذ نعومة اظافره.

 - كثيرا ما تزندقنا وكان الزعيم بامتياز بالنظر الى امتلاكه الجرأة والشجاعة وبالطبع زندقات مملؤة ببراءة الطفولة والفضول وحب الاطلاع.

 - مع شباب اخرين وبحب الفضول ولانبهارنا بهذا الجديد الغير معروف ومألوف نفذنا غزوات على بستان المرحوم احمد محمد بن صالح المكنا عشبه غفر الله له والذي يحسب له حسب بانه الرجل الذي اخذ الامتياز كأول رجل بالمنطقة ادخل عمل البستنه الزراعية وقد ركزنا على الطاطم التي فلحنا ببعض الحبيبات منها لنتذوقها في مخبئنا وكانها نزلت من الجنة.

 

- كنا ومعنا زملاء الطفوله نهكب من العملة وبصعوبة بالغة من عانه..عانه وهي (عملة نحاسية تساوي عُشر الدرهم) لنذهب الى مطرح ال شملول البعيد من رؤية اهلنا لنشري بسبع عانات علبة تونه من دكان المغفور صالح دنبوس غفر الله له لنفتحهابالسكين تحت احد العلوب بعيد عن الماره والمجتمع وناكل هذا القليل القليل من قطع التونه المملحة بشغف لا مثيل له.

    انها حياة الجفاف والعوز والفقر حقيقة التي يعيشها المجتمع حينها وحالة الانعدام للمواد الغذائية المختلفة.

 

 

-  وفي مرحله لاحقه عملنا هكبه لنتمكن من شراء دراجه هوائيه بدون اطارات لنحاول قيادتها وكثيرا ماسقطنا ونحن نرتاد القياده.

 - كنا نفرح بالعثور على اطار قديم مستخدم من اطارات سيارة الارسي وهي الوحيده بالمنطقة ويملكها الاخوين الاعمام محمد بن احمد وناصر بن احمد اولاد الجد احمد بن سعيد ابوحربه.

    لقد كنا نلعب فيها بشكل نستغرب اليوم كيف لنا كنا هكذ حيث اليوم لايمكن ان نسمح لايا من اولادنا بمثل هكذا رياضة خطرة وهو امر لا يصدق كان الواحد …يتكلفت بداخل فتحة الاطار بديلا لما نسميها الطاوه المعدنية ثم يتولى الآخرين دهف الاطار فقط قليلا ليتدحرج من عند بيت هل صالح بن سعيد في كورة هل بوحربه وينزل مهرولا في المنحدر بقوة  ليصتدم احيانا في جدران ( الجلوب) التي يمنه ويسره من الطريق  وكثيرا ما كان يسلك الخط دون الاصتدام ليقفز من على السوم الاول ثم الثاني بجربة الرقبه الى مقصور هل بوحربه ليتوقف بالقرب من اللّز ( العلب الكبير ) ليخرج المتكلفت منتصراً على المخاطر.

    كان المرحوم في كل ماذكر اعلاه هو البطل الاول والمغامر الشرس الرافض لنصائح الشيبان وتحذيرهم لنا بالمخاطر من كل ذلك

مواقف مبكره

"""""""""""""""""""

اجزم ان الشجاعه الكبيره التي تميز بها الرجل والتي هي كما ازعم قد تخلقت مع جيناته الاولى قد لعبت دور في بروزه كصاحب مواقف غير مالوفه في الاخرين ممن كانوا في عمره ولهذا فانه ببداية عام 1968م  وبعمر لم يتجاوز الثالثه عشر ربيعا ولان هناك رجل بالمنطقه قد اشتهر على مستوى عموم العوالق العليا خاصه ( الشيخ الشهيد حسين بن عشيم الطوسلي) يفاجأ الاهل بانه قد قرر بان يكون من رفقته.

     وهكذا يسمع زملاء الشاب الصغير واصدقائه بعد السؤال عن غيابه من جمعهم بان هذا الذي مازال صغيرا  قد اصبح مسلح واصبح رفيق الرجال الكبار  والشيوخ وذوي القامات المجتمعية الكبيره حتى اصبح حديث الزملاء عن تنقلات صديقهم الصغير مع هؤلا ذوي المكانه المجتمعية الكبيرة وحضور اللقاءات العامه والتجمعات والتحشيدات التي  برزت  بسبب التطورات السياسيه التي شهدتها المحافظه حينها كأول احداث عامه بعد الاستقلال الوطني.

- وفي1971م حملنا كل منا الاثنين بندقية الكنده المشهوره بوقتها وقد كان سلاح جنود الامن حيث تم طلبنا للمشاركه مع القوات الشعبية ولبينا الطلب رغما عن والدينا لنغادر المنطقة مع بعض من ابناؤ قبيلتي الطواسل وآخرين لنبعد مسافة حوالي ثمانين كيلو بشمال غرب المحافظة الرابعه.

   كان عمرينا لا تتجاوز الستة عشر ربيعا حينها فكنا مثار اعجاب البعض وغضب البعض الآخر واكثر من كان غاضبا بالتاكيد هم من اهلنا وآخرون.

 

    رحلة العمل

    """""""""""""""

-  من حسنات نظام الجمهوريه الجنوبيه في ذلك العصر بالسبعينات انه فتح المجال لتاهيل الطلبه من مختلف الفئات الاجتماعيه بل ومن ذوي التأهيل الابتدائي بالنظر الى قلة ان لم يكن انعدام من اكملوا التعليم الثانوي  ولقد كان من نصيب القاضي علي ان التحق بمعهد الحقوق الذي افتتح بعدن بالعهد الجديد لتاهيل القضاه بالمحاكم الابتدائيه.

   لقد غادر مع صديقه وزميله البلدياتي  المرحوم القاضي عبدربه سهيل سالم وقد كان الفضل بعد الله في اختيارهم للفقيد  المرحوم سالم مبارك محسن بن لفصع الخماري الذي كان حينها عضوا قياديا بمنظمة تنظيم الجبهه القوميه بالمديريه الوسطى (الصعيد) المحافظة الرابعة.

- تخرج الحداد وبن لصور بعد عام دراسي مكثف بمعهد القضاء الذي اسس باواخر عام 1971م ليعين كل واحد منهم بدرجة قاضي ابتدائي  ورتبت اوضاعهم واثبتا الاثنين جدارة منقطعة النظير في اداء رسالتهم الوطنية في ارساء اسس تطبيق القانون واعمتاد الاجرآت الجزائية واصدار الاحكام وفقا لقوانين ولوائح تلقوا تعليمها في المعهد اعلاه.

 -  تحمل الفقيد علي احمد مهام القضاء في المديريه الجنوبيه ومديرية بيحان ونصاب وعتق بمحافظة شبوة  وترقى حتى اصبح عضوا بمحكمة المحافظة  ثم لاحقا يعين عضوا بمحكمة محافظة المهرة ليمضي فيها الى آخر ايامه ليداهمة المرض الاخير وهو يؤدي واجبه المهني القضائي بالمهرة ليغادرنا الى الحياة الآخرة بوقت مبكر من العمر في الخامس عشر من نوفمبر 2015م  ولم يبلغ بعد من العمر عند وفاته ال ٥٧ عام فقط عاشها كلها حافلة بالحيوية والاعجاب المثير.

 

 - اشتهر القاضي علي وكان من بين من برزوا في عملهم ان لم يكن الاول باشادة غالبية من عاصروا فترة توليه لمهامه القضائيه في كل المناطق وكان صارما في احكامه وعدله والاكثر من هذا بعده المطلق عن اي رشاوي او هدايا او محسوبيات ومثّل بحق صورة ذلك الرجل العادل الذي لايخاف في الله لومة لائم  

 

- مثّل القاضي علي احمد واشتهر ايضا بشخصية الاجتماع والتنميه بمنطقته

وكان من بين ابرز ابناء المنطقه المنافحين عن قضاياها الاجتماعيه والتنمويه خاصه والحقيقه انه فارس الكلمه التي مايبرح ان يصدح بها صدقا وشجاعه للتصدي لاي اخطاء او عيوب او اشكالات تواجه المجتمع وعُرف من كل افراد المجتمع بانه الرجل الذي يخافه كل صاحب خطأ او عيب بمجرد اطلالته على اي لقاء عام او خاص حيث كان الرجل الذي يهابه الآخرون  لا لبطش او عراك او عنف يستخدم وانما لانه يقول كلمة الحق  ينطقها بصوت علي بصرف النظر عمن يكون موجودا كبيراً او صغيراً كما ان كثيرا ماكان تدخله هو الفيصل في عودة الحق لصاحبه

 

 - انما يميز القاضي علي احمد الحداد سيضل يذكر به مع قائمة صغيره من رجالات المنطقه حيث كان دوما المبادر الاول عن حق بالدفع بالمجتمع في التفهم لاهمية المبادرات والعمل والتنظيم لطاقات المجتمع اتجاه انجاز عديد من المشاريع الهامة فضلا عن قدرات فريدة في المتابعة مع الجهات الرسمية بشان مشاريع المنطقة.

- ان بوسعنا  تذكر انه كان احد ابرز من ساهموا وناضلوا ببناء الوحده الصحيه وقد نفذ العمل كاملا من خلال المبادرات العامة من جمهور المنطقة في اوائل السبعينات.

- تطوير مشروع المياه ولاكثر من مره.

-  بناء مدارس مختلفه

-  الا ان ابرز مايذكر به كان العمل اليومي والمثابره مع كوادر وشباب ورجال آخرون  في انجاز مشروع امداد الكهرباء لمنطقة المصينعه وضواحيها والعمل على جمع تبرعات كبيره تكللت بانجاز اهم مشروع لوصول الكهرباء فعلا من عاصمة المحافظه عتق.

 

     ثم بعد

      """""""

  لقد كتبت عن اخي وابن عمي وصهري وربما لهذا تكون شهادتي مجروحه بحكم القرابه الا انني اود ان يثق القارئ البعيد عن تاريخ المنطقة بانني وان سردت هنا عديد مسائل الا انني لم اوفيه حقه والكثير ممن يعرفون الرجل سيقولوا هنا بنعم حيث الرجل بحق شخصية نادرة  في كثير من الخصال الطيبة والمحببه والمطلوبه من المجتمعات.

    انه بحق وحقيقة رجل كبير بكل معنى الكلمة افتقدته عموم المنطقة في وقت عصيب ولكنه امر الله الذي لا راد له.

    ان اجمل مسك للختام في هذه العجالة  الذكرى العاشرة لوفاة اخي الحبيب القاضي علي الحداد انما القراءة والملاحظة المتعمقة للقصيدة التي جاءت مع ساعات وفاته من شاعر كبير لا غبار عليه وصديق له عاصر وعاشر الفقيد وقد ابدع في ثناياها لتمثل بيان صادق صحيح في تحديد موقع وثقل وصفات الرجل ومدى الخسارة التي مني بها مجتمع المنطقة عموما بوفاته.وتجدون القصيدة ( سقط العمود) مرفقة هنا.

  - غفر الله لك ايها القاضي النبيل.

   نسال العلي القدير ان يسكنك في الدرجات العليا من الجنة مع الشهداء والصديقين وجمعك واهلك ومحبيك هناك.

   وسلام من الله عليك ورحمة منه ورضوانه وغفرانه وبركاته

؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

القصيدة

 

رثاء القاضي علي احمد الحداد

 للشاعر/ سالم صالح هارون

15نوفمبر2011م

       سقط العمود فما يغنيك ياوتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد *   طنب اذا لم يكن ياصاح مشــــــــــــدود

       فالسقف لايرتفع إلا على عمــــــــــــــــــــــــــــــــــد *   ياويحنا فالعمود اليوم مفقــــــــــــــــــــــــــــــود

       صار الى اللحد كمل ماله عـــــــــــــــــــــــــــــدد *   من السنين كأبراهيم أو هـــــــــــــــــــــــــــــود

       قد كان فينا إمام ماله نـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدد *   لايقبل الضيم مثل الصخر جلمود

       تتزحزح الناس إلا صاحبي جـــــــــــــــــــــــــــلد *   ثبت عليها كأنه خلقه طـــــــــــــــــــــــــــــــــــــود

       إن تفخر الناس من مال ومن ولـــــــــــــــــــد *   فبصاحبي أفتخر له ذكر محمـــــــود

       سيف مسلط يهابه كل ذو لــــــــــــــــــــــــــــــــــــبد *   بالحق يقضي أبد ماكان مغمــــــــــــــود

       ماقط تلجلج لأن الله له ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــند *   له صوت كالرعد يلجم كل نمــــــرود

       من ذا يفاخر صديقي هل يجد أحد   *   أبدا فلن تنجبه بيض ولاســــــــــــــــــــــــــــــود

       من هو من الموت يسخر عانده عنــــــــــــــد* إلا صديقي أبتسم له غير مرعـــــــــــــود

       من ذا على الموت يحسد كان له حسد *   إلا صديقي لموته كان محســــــــــــــود

      جزاه عنا آله واحد صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمد *   جنات عدن بها له ظل ممـــــــــــــــــــــدود

      وحور عين وغلمان له مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدد *   وإنه من النهر يشرب غير مــــــــــردود

      هذه لساني فأن قصرت عن عمـــــــــــــــــــــــد *   قوموا أقطعوها بلاشاهد ولا مشهود

      سقط العمود فما يغنيك ياوتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد *   طنب إذا لم يكن ياصاح مشــــــــــــــــدود

      فالسقف لايرتفع إلا على عمــــــــــــــــــــــــــــــــــد *   ياويحنا فالعمود اليوم مفقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــود

 

       انتهى

؛"؛"؛"؛"؛"؛"؛"؛"؛"؛"؛"؛"؛"؛"