يوم الحج الاكبر
محمد بالفخر
يوم الخميس التاسع من شهر ذي الحجة سيقف حوالي ثلاثة مليون حاج على صعيد عرفات الطاهر في موقف ايماني مهيب بتأديتهم لمنسك عظيم من مناسك الركن الخامس للإسلام ركن الحج وهو أعظمها وأهمها كما قال الحبيب المصطفى عليه صلوات الله وسلامه (الحج عرفة)
في هذا اليوم يقف جميع الحجاج موحدين الله في العبادة موحدين في الهدف موحدين في ثيابهم لا تعرف الغني منهم من الفقير ولا العربي من الاعجمي ،
في ذلك اليوم العظيم يباهى الله جل في علاه بالحجيج عند ملائكته وهم قد جاءوه شعثا غبرا يرجون رحمته ومغفرته ويخشون عذابه جاءوه طائعين وراغبين في رحمته ولن يردهم خائبين وهم يرفعون أصواتهم بالدعاء والتلبية لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك "
نعم لا شريك لك يا الله في عبادتك ولا شريك لك في حكمك ولا شريك لك في ملكك .
بهذه الكلمات التي أسقط بها المسلمون الاوائل صنمية هبل الحجرية وبها ينبغي ان يتم اسقاط صنمية هبل البشرية التي اجتاحت عالمنا العربي والإسلامي منذ بداية عصور التخلف والانحطاط التي اجتاحت عالمنا العربي و الاسلامي وجعلته لاهثا وتابعا وذليلا امام ملل الكفر والفسوق في العالم وتسلط على الشعوب اكثر من هبل وهبل ،حتى قيض الله للبعض نسمات ريح رائعة القت بهبوبها الثورية عليهم فكان الربيع العربي الذي اسقط أصناما اشد وأعتى من هبل الاول وأصبحت اثرا بعد عين .
وان كانت لم تكتمل نسائم تلك الريح الثورية لأسباب عديدة إلا انها قادمة لا محالة وسوف تستأصل ما تبقى من الديكتاتوريات بإذن الله .
في يوم الحج الاكبر نزلت الآية العظيمة ((اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)) يالها من عظمة وياله من دين عظيم يحرر النفوس البشرية من كافة انواع العبودية والذل ويربطها بالحق سبحانه وتعالى .
وهناك دروس عظيمة ينبغي ان نستلهمها من هذا اليوم المبارك العظيم .
1. اخلاص العبودية لله وحده وصرف العبادة والطاعة للواحد القهار وإفراده بالدعاء دون سواه.
2. المساواة بين المسلمين جميعا وهذه اعظم دروس في التآخي والتلاحم والعدل والمساواة وعدم تسلط الانسان على اخيه الانسان وأن لا فرق بينهم الا بالتقوى
3. علو شان المسلمين وعلو شأن دينهم وعظمة نبيهم عليه افضل الصلاة والسلام وان ماسوى الاسلام باطل ((ومن يبتغي غيرالاسلام دينا فلن يقبل منه))
4. استشعار العزة والكرامة لكل المسلمين وضرورة نصرة المستضعفين منهم .
5. الحج بمثابة مؤتمر كبير للمسلمين يجتمعون فيه من كل اقطار الارض افرادا وجماعات وكل يحمل قضية امته ومجتمعه وهمومهم وبالتالي سيخرجون بحلول ناجعة لها
6. اخلاص العبودية لله وحده تزيدك يقينا وإيمانا بان الله هو الخالق وانه الرازق وانه سبحانه المحيي والمميت وانه له الامر وبيده الامر وهو على كل شيء قدير ،وبالتالي تزداد في قلبك عظمة الخالق وتسقط من قلبك هيبة ورهبة الطواغيت والمتسلطين وتلقى ما تبقى منها تحت اقدامك وهنا تشعر بالحرية والكرامة والعزة والرفعة .
7. استشعار الجسد الواحد والروح الواحدة بين المسلمين واستشعار وحدة الامة الاسلامية شعوبها وقبائلها وأقلياتها في العالم على رؤية أو رؤى متعددة مستلهمة منهج الله ودين الاسلام بغض النظر عن اختلاف الوانهم ولغاتهم وأقطارهم وشعوبهم وقد تحقق ذلك في عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين من بعده وقد يتحقق ذلك في زمن قادم فلله الامر من قبل ومن بعد ، تحقق ذلك من دون ضم أو الحاق ودون اسقاط هوية على هوية أو احتواء شعب على شعب او دولة لدولة ، فبقي الشامي شاميا والعراقي عراقي والمصري مصريا واليمني يمنيا والحضرمي حضرميا والكردي كرديا . كل الشعوب بقيت كما هي في شكل نظام فيدرالي كما يقال في الوقت الحاضر وكانت مرجعيتها خلفية واحد للأمة ولم يجيش ابو بكر رضي الله عنه الجيوش إلا لمحاربة من ارتد عن الاسلام ومن منع الزكاة التي هي ركن من اركان الاسلام ولم يرفع شعار الوحدة او الموت كما رفعه من لم يفهم من الوحدة إلا اسمها .
8. هناك الكثير من الدروس والعبر ينبغي علينا ان نستشعرها من عظمة هذا اليوم العظيم ومنها التقرب الى الله بالعبادات والطاعات وأهمها صيام يوم عرفة لغير الحاج طبعا وان تيسر صيام التسع الايام كلها فهي خير وبركة .
وفي الاخير نسأل الله العلي القدير ان يتقبل من الحجاج حجهم ويجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وان يردهم الى اهلهم وأوطانهم سالمين غانمين مغفوري الذنوب وان ييسر لمن لم يتمكن من الحج من تأدية هذا الفرض في اعوام قادمة كما نسأله سبحانه ان يحقق لشعوبنا العربية والإسلامية النصر والتمكين وان تسترد فلسطين السليبة وكل موطن سليب .