أثبتت أحداث الدول العربية التي وقعت في شراك الفتن الداخلية وابتليت بالمشاكل السياسية التي لا تنتهي والتي انعكست سلبا على اقتصاد البلاد وأمنها بل وكل الجوانب فيها أنه ما دخل مبعوث دولي كوسيط في تلك البلاد إلا أفسدها زيادة على ما هي فيه من فساد وخراب بل ويتحول من وسيط للإصلاح بين الأطراف المتصارعة إلى طرف في الصراع بل ومدير لتلك الصراعات كلما خبت نار الفتنة شبّ فيها.
ونحن مازلنا في الجنوب نتذكر الدور المشبوه لسيئ الصيت لخضر الإبراهيمي لما آل إليه الوضع من مباركة للاجتياح الكامل لأراضيه في صيف 1994م.
وأيضا خير مثال لذلك ما حدث في السودان وما آل إليه الحال و ما هم عليه الآن. ثم سوريا وما يحدث بها من انتهاكات وجرائم تقشعر من هولها كل الضمائر الحية، ويبقى الوسطاء الدوليون يكتبون تقاريرهم التي لم تخدم قضية قط لتلك البلاد.
وما حصل في اليمن ومبعوثها الذي أوصل الحال بالبلاد لما هي عليه منذ أن وضع أنفه في سياستها متجاوزا مهمته التي أوفد من أجلها إلى اليمن.
ما يهمنا نحن في الجنوب مما سبق من مقدمة أنه لن يأتي من خارج الحدود من يحب بلدك أكثر منك وتهمه مصلحتها فوق ما تهمك أنت يا بن البلد.
نحن أبناء الوطن الواحد الذي تجمعنا حدوده وتظلنا سماؤه أولى أن نضع أيدينا بأيدي بعضنا بكل توجهاتنا الفكرية والسياسية ومواقعنا الرسمية ولنفرض أمرا واقعا على الأرض ونقود بلادنا نحو الخير والتقدم والسلام.
نحن أبناء الجنوب من يجب أن نتجاوز أي خلافات سواء بجذور تاريخية أم حديثة العهد، يجب أن نبتعد عن مصالحنا الشخصية والحزبية الضيقة والتي لن تأت بخير سواء لنا أو لأجيالنا القادمة.
علينا ألا ننتظر من دول خارجية أو أي جهات أجنبية أن تمد لنا يدها بالخير وأن تنتشل وطننا مما يعانيه فكما يقول المثل (ما مصلي إلا وطالب مغفرة) و هذه الدول التي تدفع بأفراد من أبناء البلد ليتصدروا المشهد السياسي لن يكون همها بأي حال من الأحوال المواطن والوطن الذي لا تعرف عنه شيئا سوى أنه منجم ثروة وله موقع إستراتيجي وميناء ذو أهمية لو أعيدت له الحياة، فلكل أجندته الخاصة التي يبحث أن يمررها ليحصل على ما استطاع من خيرات وفوائد البلد.
إن الواجب الأخلاقي وحق الوطن يحتم علينا أن ننظر بعين فاحصة لكل تلك البلدان العربية التي شارفت على الاختفاء من خارطة الوطن العربي وكان السبب فيها طمع أبنائها وأنانيتهم وبحثهم عن الثروة والشهرة والمناصب ولو على تل من رماد الوطن، وأن نتعظ بهم، ولنقدم الوطن الذي وصلنا به للخير والتقدم والنهضة ونقف به في مرفأ آمن بعيدا عن تضاربات الفتن لينال خيره أبناؤنا الذين سيحيون فيه من بعدنا ونكون سلمنا الأمانة إليهم على خير ما يمكن لا أن نعطيهم إرثا من الحروب والثارات والفساد.
اختم بما بدأت به، فالواقع يقول إن لم نحم بلادنا بأنفسنا ونعمل على مصالحة بعضنا وتقديم التنازلات لأجل الوطن فلن يأت بها أحد من الخارج، فما دخل مبعوث أممي أو سماسرة لدول أخرى إلى أي بلد إلا أفسدوها ومزقوها ونشروا الفتن في كل جوانبه فهل من معتبر؟.
* الأيام