ر=
الى اين قادونا ؟
بمنظار الايدلوجيا، ووسط ضجيجها الذي ادركته في مقتبل شبابي قبل ان يخفت ويتلاشى, وعلى ضوء ماتبقى من اشعة ووهج الفكره الثوريه قبل الانطفاء, قرات (رجال في الشمس)رائعة الشهيد غسان كنفاني.. قبل اكثر من ثلث قرن ..
يومها انتشيت بقراءة غسان كنفاني كمبدع ثوري منتمي لليسار العربي ، اكثر مما بكيت لمأسي ابطال الروايه التي انتهت بالمأساه المفجعه, موتهم وسط خزان ناقله, وهم يحاولون اجتيازالحدود العراقيه الى الكويت للاغتراب بواسطة احد المهربين من بني جلدتهم.
ومن داخل ماساة الغربة التي ادركتني عند مقتبل مشيبي ،وفي عتمة وعمش الحاضر التائه, ومن وسط لحظة الشتات والحيرة, اعود ثانيه وبعد اكثر من ثلاثه عقود ، لقراءة هذه الروايه الخالده على صغر حجمها , فانتهي حزين ومفجوع للنهايه الماساويه لابطال الروايه , ومن رؤية صورها ومشاهدها متجسده الان على الواقع.
(ابوقيس , واسعد , ومروان)هم ابطال رواية رجال في الشمس .. ثلاثه رجال من فلسطين ،ينتمون لاعمار مختلفه ، لكل منهم مأساته وعذابه ، ولكل منهم همومه واحلامه، دفعتهم قسوة الظلم والفقر الى حتفهم .
ميزة الابداع الخالد وسر عظمته وخلوده ، ان صوره ومشاهده وابعاده تصلح لكل زمان ومكان .. وهانذا الان وانتم نعايش المأساه نفسها في نسختها اليمانيه الافضع..
العذاب نفسه واكثر , والمرارة نفسها وامر , والمأساه نفسها وافدح ، تصل ذروتها على الحدود اليمنيه السعوديه حيث يموت العشرات من اليمنيين من كل الاعمار وتتشابه مصائرهم بمصير ابوقيس واسعد ومروان اثناء رحلة الهروب للبحث عن حلم ضاع وكرامه فقدت في وطنهم المنهوب المنكوب.
غسان كنفاني يختم روايته بالسؤال:(لماذا لم يدقوا الخزان؟) وانا هنا لن اختم بالسؤال: هل الموت ارحم من موت الحلم ؟؟.. بل ساضيف : يحصل هذا عندما يتولى قيادة الامم الى ذلها وهوانها وتلويث تاريخها فاقدي الرجوله .. الرجوله ليست الفحوله فقط .
في رجال في الشمس (ابو الخيزران ) فلسطيني اصيب في معركه ، ففقد رجولته وهو نفسه المهرب سائق الشاحنه الذي قاد الثلاثه الى حتفهم.
الى اين قادونا واقتادونا فاقدي الرجوله ؟ والى اين اوصلونا؟
علوي شملان