التعبئة الإعلامية لمنصات التنظيم الدولي للإخوان أصيبت بصدمة شديدة، بعد اتخاذ الرئيس التونسي قيس سعيّد الإجراءات القانونية المتاحة له دستوريا لحماية بلاده من مخاطر محدقة بعد عشر سنوات، كانت فيها تونس تعيش انعدام الاستقرار السياسي نتيجة سياسات حزب النهضة.
تلك السياسات تسببت في أزمات اقتصادية حادة، كادت أن تؤدي لانهيار القطاع الصحي نتيجة للفساد الاقتصادي، الذي أشار له بوضوح الرئيس التونسي كمسبب لقراراته بشأن رفع حصانة النواب وتجميد انعقاد جلسات البرلمان.
الصدمة كانت كبيرة عند تنظيم الإخوان سواء على مستوى قياداته في الداخل التونسي أو على المستوى الخارجي الذي تمثله ردة فعل اليمنية توكل كرمان، التي أساءت لرئيس تونس، وهي التي كانت تمجده في إطار سياسة التنظيم الدولي باعتقادهم احتواءه تحت مظلتهم الحزبية وتطويعه لتمرير اجندة التنظيم، وإن كانت توكل ليست الوحيدة، إنما كانت الأكثر وقاحة ضمن سلوكها وتعبيراتها المألوفة منذ أن سقط حكم الإخوان في مصر عام 2013.
لعل هذه واحدة من الفرص المواتية لتوضيح الطريقة التعبوية لإعلام التنظيم الدولي للإخوان، الذي كان إلى أيام فائتة يرى في الرئيس التونسي الشخصية المثلى، بعد أن اختارته دولة قطر لرئاسة الرابطة الدولية لفقهاء القانون الدستوري.
ومن هنا تنطلق الحملات التعبوية في مختلف المنصات الإعلامية التابعة للتنظيم والممولة من الدول الحاضنة لأفكاره، فيكون الضخ الإعلامي موجها ومشبعا بمصطلحات التزلف لمخادعة الرأي العام.
ليست هذه المرة الأولى التي تحصل فيها عملية ارتداد عنيفة، فقد شكلت تبعات مقاطعة قطر حالة مماثلة بعد أن ارتمت وسائل الإعلام الإخوانية في حضن إيران ومليشياتها ضمن المناكفة لدول الرباعي العربي.
حتى إن الإعلام الإخواني أنكر المشاركة القطرية ضمن تحالف دعم الشرعية في اليمن، منقلبا على حقائق التاريخ ووقائع الزمن، فارضا سياسات التضليل الإعلامي على مريديه وأتباعه وحتى العامة من الناس غير المؤدلجين والذين تعمل هذه المنصات الإعلامية على استقطابهم لصالح سياسات التنظيم.
انعدام الاتزان السائد في الإعلام الإخواني، وإن كانت في المشهد التونسي تبدو حادة، فإنها تكشف بطريقة جلية الأساليب المنهجية المعتمدة منذ عقود طويلة لإشباع الذهنية العربية واعتمادها على التلقين بالأفكار التي يراد للناس اعتقادها، حتى وإن كانت مخادعة ومضللة فهذه أساليب تستوجب إنشاء أوسع شبكة من منصات الإعلام المختلفة بهدف التضليل وتزييف الحقائق وتشويه الشخصيات.
انشطار تنظيم الإخوان وتلعثمه وتخبط خطابه السياسي والإعلامي يستدعي في المقابل تمكين القوى الوطنية التونسية من الإعلام العربي التنويري والملتزم لكشف الوقائع والحقائق وفضح الخطاب المزدوج والمواقف الانتهازية للتنظيم وقواعده ضمن سياساته التقليدية، التي هي جزء من تكوينه وتشكيلاته العاملة على هدف تفكيك الدول الوطنية والوصول لسلطة الحكم.
واقع الحال التونسي وما فرضه الرئيس والشعب أظهر الجانب الإعلامي والخطاب السياسي الفاسد المعتمد على الانتهازية والدجل والكذب وانعدام مهنية الإعلام الإخواني المصاب بدوار شديد، نتيجة ضربة الرئيس والشعب التونسي الموفقة.
لا معايير أخلاقية ومهنية عند الإعلام الأيديولوجي الإخواني، هذه الحقيقة المكشوفة في مشهد تونس مع الخطوة السياسية للرئيس والشعب.
ما دون ذلك يبدو تفاصيل صغيرة متشعبة لا يمكن حتى إخفائها في واقعية الحالة الإخوانية البشعة والوقحة بل البالغة البشاعة والوقاحة.
فهذه الارتدادات والتخبطات تنم عن عدم احترام للعقل الجمعي في العالم العربي، وتؤكد أن أهمية مواجهة هذا التنظيم وغيره من تنظيمات الإسلام السياسي تظل الضرورة القصوى لحماية المجتمعات وتأمينها مما يحاك لها عبر هذه الجماعات الضالة.
*نقلا عن سكاي نيوز عربية