تخاض الحروب العسكرية ومعاركها المتعددة بين القوى والأطراف المتصارعة عبر التاريخ؛ بأشكال أخرى أيضاً وبطرق عديدة ومتجددة على الدوام؛ ولعل أكثرها فتكا وتأثيرا بالخصم؛ هي تلك المتعلقة بهزيمته نفسيا من الداخل؛ من خلال إتقان بث الشائعات وفبركة الأخبار والمعلومات المضللة؛ وإختلاق مواقف وتشويه أخرى بهدف الإرباك وخلخلة جبهة الخصم؛ مع عدم إستبعاد حالات من الإختراق هنا وهناك؛ تمكن الأعداء من تحقيقها وبطرق مختلفة وبأقنعة متعددة لتحقيق هذه الغاية؛ والتي تؤثر سلباً وعلى نحو خطير على وحدة وتماسك الصفوف وتمهد للهزيمة النفسية التي يستحيل النصر بوجودها.
كما إن ذلك يفتح الأبواب واسعة للشكوك وضعف الثقة المتبادلة بين أصحاب القضية الواحدة والهدف الواحد؛ وتبادل الإتهامات في التقصير؛ وإختزال الأمر بهذه الجهة أو تلك أو بفلان أو علان؛ هروباً من تحمل المسؤولية التي لا ينبغي التخلي عنها في لحظات المواجهات التاريخية المفصلية والحاسمة؛ إنتصاراً للهدف الوطني العظيم الذي بدون تحقيقه سيهزم الجميع؛ ويخسر الكل وعلى حساب من ضحوا بحياتهم وأسترخصوا دمائهم من اجل الوطن؛ بل وخيانة لتلك التضحيات الغالية؛ وخذلاناً للشعب الجنوبي الصامد الصبور؛ وعلى حساب المستقبل الوطني المشترك بكل تأكيد؛ وهو ما لا يليق بكل من رفع راية الكفاح وتحمل المسؤولية الوطنية وبأي شكل كان؛ ومن أي موقع وتحت أي مسمى أو تعبيرات وطنية ونضالية.
كل ذلك مطلوب لضمان وحدة وتماسك جبهة الجنوب الداخلية؛ مع عدم إغفال المراجعة والتقييم والتغيير في الهياكل والسياسات؛ وإتخاذ التدابير اللازمة راهناً ومستقبلاً؛ وبروح وطنية شجاعة ومسؤولة؛ وبعيداً عن الحسابات الذاتية أو المحاباة وشخصنة الأمور؛ والتغلب على الطبيعة النرجسية وتضخم ال ( أنا ) القاتلة عند البعض؛ وعدم الركون أو البناء على ما تتناوله شبكة التواصل الإجتماعي؛ أو بعض وسائل الإعلام المختلفة التي تفتقد للمهنية المطلوبة؛ والتي يغيب عنها كثيراً مع الأسف الخطاب الرصين والمسؤول والموضوعي؛ الملبي لمتطلبات المرحلة وحساسيتها وخطورة ما يلوح بالأفق وعلى أكثر من صعيد!.