يموت الميت فيعم الحزن كل البيئة المحيطة به ويزداد ذروته عند عائلته واقربائه ومحبيه فينشغلون حينها بإجراءات العزاء ومراسم الدفن وتنهال الاتصالات من كل حدب وصوب في مواقف نبيلة تدل على عمق الترابط الإجتماعي .
غير أنّ بقاء الكثير بعد التعزية الفورية عند الوفاة في بيت الميت تسبب كثيرا من الاحراجات وخصوصا للأسر الفقيرة لما لها من تبعات وجبات سواء كانت الغداء أو العشاء وتكاليفها الباهظة في وقتنا الراهن .
اشتكى أحدهم من إحدى المدن القريبة أنّه توفي قريب له بعد صلاة العشاء فاحتشد الناس للتعزية وامتلأت غرف البيت والشارع وبقاءهم حتى الساعة الحادية عشر ليلا منتظرين وجبة العشاء .
فتحدث قائلا : أتى أحدهم يسألني ما بال وجبة العشاء لهؤلاء القوم ؟ فأخبرته بأننا لانملك المال لإطعام هؤلاء فتجرأ قائلا أمام الملأ بأن أسرة الميت لم تجهز أي طعام للعشاء حيث انشغالهم بمراسم الدفن ونفسياتهم التي لا ترغب في الطعام لينصرف حينها الكثير في غمضة عين وكأن ما منعهم من الانصراف إلا لقمة تسد رمقهم .
أعجبتني فكرة إحدى القبائل العريقة حينما تم تشكيل لجنة لتجميع 100 ريال شهريا على كل فرد صغير وكبير من القبيلة وحينما يموت الميت من تلك القبيلة يتكفلون بكل مراسم العزاء وتبعاتها كالوجبات مع وضع ضوابط وقيود حيث عدد المدعوين 150 فردا فقط وإلزام وجبة الدجاج بعيدا عن كلفة اللحم في وقتنا الحالي .
في الأخير ارحموا أهل الميت فكفاه من الحزن ما يكفيه فكيف بتكاليف باهظة وعلى من أكمل واجب العزاء فلينصرف إلى بيته سواء كانوا رجالا أو نساء ، من المقربين أو الأصدقاء حتى لا يُحرج أهل الميت أمام تلك التجمعات وتكليف أنفسهم فوق طاقتهم، ووقوعهم في مخالفة أمر النبي عليه الصلاة والسلام فعن عبد الله بن جعفر قال لما جاء نعي جعفر قال النبي صلى الله عليه وسلم : (اصنعوا لأهل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم ما يشغلهم ) قال أبو عيسى الترمذي هذا حديث حسن وقد كان بعض أهل العلم يستحب أن يوجه إلى أهل الميت شيء لشغلهم بالمصيبة وهو قول الشافعي.
ودمتم في رعاية الله