الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى نظرة مستقلة بعيدا عن العواطف الاندفاعية التي تذهب ببعض الكتاب والمحللين السياسيين إلى التطرف أكان التطرف المفرط المتفائل أم التطرف المتشائم ولهذا فإن التحليل المحايد المبني على القرائن والوقائع هو الأقرب إلى الصواب .
نجحت السعودية في تحرير الكويت و إنقاذ البحرين من السقوط بيد الشيعة الموالين لإيران ومساعدة مصر للتخلص من تنظيم الإخوان المسلمين ودعم السودان حتى لا تذهب إلى الفوضى وبشكل بسيط في الجنوب ولكنها فشلت في العراق وسوريا وشمال اليمن وهذا النجاح والفشل شاهد على الواقع .
خسرت السعودية شمال اليمن بعد أكثر من خمسين سنة من الدعم وأصبحت في مأزق، إذ أن الدعم لم يتوقف فهي تدعم مشائخ القبائل وقبائلهم تقاتل مع الحوثي وتدعم القيادات السياسية والعسكري والألوية التابعة لهم تسلم السلاح للحوثي وعلى هذه الدوامة تعمل السعودية منذ إعلان عاصفة الحزم حرب وخسائر بدون نتائج واضحة على الأرض ورغم أن الحرب في عامها السادس إلا أنه لا توجد محافظة شمالية واحدة محررة حتى الآن.
نعود إلى الجواب على السؤال في العنوان هل ستخسر السعودية الجنوب ؟ بنظرة منطقية لا يعقل أن يتم ذلك ، مستندين إلى ما قاله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل إعلان العاصفة (عدن خط أحمر) ! وبالعودة إلى تاريخ هذا القول سنجد انه قال ذلك بعد سقوط صنعاء عاصمة العربية اليمنية بيد الحوثي ولهذا فإن عاصفة الحزم أعلنت لعدم سقوط عدن (عاصمة الجنوب) بيد مليشيات إيران الحوثية .
ما يجري في الجنوب منذ تحريره من الغزاة خطير جدا ويشبه إلى حد كبير ما جرى بعد الوحدة اليمنية وهذه الأعمال الممنهجة هدفها توليد الحقد الشعبي في الجنوب ضد السعودية وتسعى القوى اليمنية إلى قلب الحاضنة الشعبية للتحالف بالجنوب وهذه الحاضنة التي بناها الحراك الجنوبي تعد العامل الأساسي للنصر الذي حققه التحالف بالجنوب ولولا هذه الحاضنة لما تحررت الجنوب والدليل عدم تحرير أي محافظة شمالية بسبب عدم وجود حاضنة شعبية للتحالف بالشمال .
سنتحدث عن عدم وجود حاضنة شعبية للتحالف في الشمال في مقال آخر وما يهمنا هنا هو الحديث عن فقدان الحاضنة الشعبية في الجنوب وهذا الأمر ينمو ويتدحرج مثل كرة الثلج وهذه بعض الأسباب :
١- عدم وضوح السعودية في موقفها تجاه القضية الجنوبية كما كان في بيان الطائف أثناء حرب غزو الشمال على الجنوب في صيف ٩٤ .
٢- شعب الجنوب فوض المجلس الإنتقالي لتمثيل وإدارة الجنوب وتشكيل مكونات جنوبية في السعودية وتحركات بعض القيادات الجنوبية المتحالفة مع أحزاب صنعاء يثير الريبة .
٣- اعتماد السعودية على الشرعية رغم أن العالم يشهد بان قيادات الشرعية لا تفكر إلا بكسب المال ورغم أن الشعب في الجنوب يصيح ويعاني من عذاب ممنهج تمارسه القوى التي تسيطر على الشرعية .
٤- دعم السعودية لإخوان اليمن المتمثل بحزب الإصلاح رغم أن المملكة تعتبر تنظيم الإخوان المسلمين منظمة إرهابية حتى وان كان هذا الدعم يأتي لهم عبر الشرعية إلا أن المواطن لا يقتنع بهذه الأعذار .
٥- عدم صرف الرواتب للقطاعات الأمنية والعسكرية في الجنوب كما كانت تصرفه الإمارات حيث تم في البداية فرض لجان شمالية دون مراعاة التحسس الموجود ثم تم خصم جزء من الراتب وبدل الألف السعودي تم صرف مئة وخمسين ألف يمني وهذا يعادل سبعمائة ريال سعودي ومنذ ستة أشهر تم قطع الرواتب بشكل تام .
٦- عدم وجود مشاريع تنموية هامة واستمرار معاناة المواطن بانقطاع الخدمات أكثر من معاناة من يعيشون تحت سطوة مليشيا الحوثي .
هذا الأسباب وغيرها تحتاج إلى دراسة سريعة لمعالجتها عبر لجان متخصصة لا ترتبط باللجان والقيادات السابقة التي عملت حتى وصل الوضع إلى هذا المستوى من السوء .
بسبب ممارسات القوى اليمنية بعد الوحدة عام ٩٠ م وبعد إحتلال الجنوب سنة ٩٤م أصبح شعب الجنوب يرفض أي وحدة تربطه بصنعاء ويعتبر أي قوات شمالية في الجنوب قوات إحتلال ومستعد أن يقاتل من أجل استقلاله حتى جيل بعد جيل ومنذ تحرير الجنوب من مليشيات الحوثي تخطط وتعمل القوى اليمنية على إظهار التحالف العربي بالجنوب كقوى إحتلال لكي يخسر الحاضنة الشعبية في الجنوب ليتسنى لهم إدخال الجنوب والمنطقة في فوضى أو تحت سطوة مليشيا الحوثي والإخوان الموالية لإيران وتركيا .
وضاح بن عطية