حالة توتر شديدة شهدتها محافظة المهرة البوابة الشرقية للجنوب العربي، والتي أظهرت تحالفاً جديداً يهدد السعودية والجنوب والأمن القومي العربي، كما أظهرت إحدى الدلالات والبراهين الكثيرة على التخادم والتزاوج المعلن بين مليشيات الإخوان والحوثي وتاجر السلاح الحريزي المدعومين من قطر وتركيا وعمان، فقد أستعرضت تلك المليشيات مجتمعة عضلاتها أمس في الغيضة عاصمة المحافظة تحت لواء واحد وشعار واحد بشكل هستيري لم يسبق له مثيل.
وفي واقع الحال أن ما حدث في المهرة سيشكل إنعطافة كبيرة في الوضع العام في المحافظة، بعد ما بلغ السيل الزبى فشعارات الحوثي رفعت بلا وجل وعلقت على الشاصات العمانية المجنحة مصلقاته حوثية معادية للسعودية، ومارس مشرفوا الحوثي مع بقية المليشيات والعصابات أعمال التقطع في الطرقات وتنفيذ إعتداءات على الحرائر والأحرار ونشروا فرق القناصة وأعتداءات مختلفة لا حصر لها على المواطنين المسالمين الذين أرادوا التعبير سلمياً عن مطالبهم في تطبيق الإدارة الذاتية وتنفيذ إتفاق الرياض.
صحيح أن أبناء المهرة أنتصروا على المليشيات وأستطاعوا كسر الحصار المفروض عليهم، وتجاوزا المئات من النقاط العسكرية في كل الطرقات المؤدية إلى الغيضة وتحدوا إرهاب القناصة وحملة الإعتقالات ومحاولات إرباكهم بالحملة الإعلامية التي قادتها قناة الجزيرة ومعها قطيع من القنوات الإخوانية، ومع ذلك كله أحتشد الألاف رجالاً ونساءاً صغاراً وكباراً وأوصلوا رسالة بأن إرادة الشعوب لن تقهر ولو كانت قوة السلاح تنفع لنفعت المخلوع صالح في وئد الحراك الجنوبي في مهده عام 2007.
لكن الحقيقة المرة هي أن محافظة المهرة الجنوبية محتلة ومختطفة من قبل المليشيات المسلحة، وأظهرت الإحتجاجات يوم أمس أن تحالف الشر ” الإخواني والحوثي” هو المتحكم في المحافظة والوجود السعودي في المحافظة مجرد وجود شكلي فقط كما قال زعيم عصابة تهريب السلاح والمخدرات علي سالم الحريزي على قناة الجزيرة بالنص ” السعودية تسيطر شكلياً على المطار ووجود محدود وشكلي على منفذ شحن”، فأغلب المسلحين والقوات في المهرة من الشمال إما إخوان أو حوثيين أختطفوا المهرة لصالح أجندة قطر وتركيا بينما أبناء المهرة مهمشين لا حول لهم ولا قوة.
اليوم وليس غداً على أبناء الجنوب إن أرادوا الإنتصار لأرض الجنوب التي ارتوت بدماء أطهر وأشرف وأنبل الشهداء، عليهم إخراج المليشيات المسلحة وتشكيل قوات النخبة المهرية فوراً، فالشعب الذي خرج بعشرات الالاف رغم المنع هو بذلك يفويض المجلس الإنتقالي الجنوبي بأن يقف معهم ويحميهم ويخلصهم من بطش المليشيات وتجار السلاح والمخدرات، فتحرير المهرة يعد بمثابة قطع إنبوب التنفس الإصطناعي الذي يتنفس عبره الحوثي بتهريب السلاح من عمان عبر الحريزي وقطع الدعم والتنسيق التركي القطري العماني الذي يتخذ من المهرة والأراضي العمانية مركزاً لإنطلاق المؤامرات إلى كل المحافظات الجنوبية ويمر الدعم المالي للمؤامرات بملايين الدولارات عبر المنافذ العمانية.
واهم من يعتقد إنه بإمكانه أن يقتطع جزء من الجسد الجنوبي ويختطفه لصالح أجندات معادية للشعب في الجنوب، فالمهرة جنوبية الهوى والهوية كما قالتها حرائر المهرة من وسط ساحة الحرية، وما إحتجاجات أمس إلا تأكيد على أن الجنوب ماض في إسقلاله رغم المؤامرات والدسائس من تركيا وقطر وعمان ووكلائهم المحليين.