جامعة عدن في مواجهة عقيمة مع القضاء

2013-05-22 11:51
جامعة عدن في مواجهة عقيمة مع القضاء
شبوة برس - متابعات صنعاء

جامعة عدن في مواجهة عقيمة مع القضاء

 

 الجامعات في العادة مراكز تنوير وعلم وثقافة, غير ان الوجه الاعلامي لها قد يعمل خلاف ذلك. حيث يختلف العمل الاعلامي للجامعات عن غيره في المؤسسات الاخرى من خلال ميزة تنفرد بها الجامعات الا وهي توفر كادر اكاديمي من جميع التخصصات فيها. هذه الميزة التي تتميز بها الجامعات تعطي للاعلام الجامعي حصانة من الانزلاق الى متاهات المماحكة السياسية او الاساءات او مخالفة القوانين إضافة الى انها توفر له كم هائل من المعلومات والبيانات التخصصية في مختلف المجالات.

 

وفي جامعة عدن يمارس الاعلام الجامعي دورا يضعه في مصافي الاعلام الحزبي المنخرط بشكل علني في الالاعيب السياسية دون حرج, مما يضع الكادر الاكاديمي المتخصص في موضع لا يحسد عليه.

ففي تاريخ 12 مايو 2013م نشر الموقع الالكتروني الرسمي لجامعة عدن موضوعا بعنوان أغرب وأسرع حكم بالعالم.. يحدث في عدن, واستنكار واسع لعملية تدمير التعليم الجامعي.

 

يتحدث الموضوع عن حكم قضائي إبتدائي اصدرته المحكمة الادارية في م/عدن يتعلق باعادة إمتحانات عدد من طلاب كلية الصيدلة بجامعة عدن. وبغض النظر عن تفاصيل الموضوع وصواب الحكم من عدمه, فاننا سنركز في هذه المقالة على النقاط التالية:

 

اولا: ادخل كاتب المقال كل الكادر الاكاديمي في موضوعه بالقول ان حكم المحكمة الادارية اثار استغراباً واسعاً لدى أساتذة الكلية والجامعة والطلاب وشخصيات أكاديمية واجتماعية، واستنكارا للمحاولات المتكررة لاستبدال النظم واللوائح الجامعية المعروفة عالمياً باخرى ليس لها علاقة بالعملية الجامعية وضوابطها، والعمل على تقويضها والأضرار بمستوى التعليم الأكاديمي ومكانته ومخرجاته, لأن الأمر متعلق بالمس بالعملية التعليمية الجامعية، وتعزز من حملة استهداف التعليم الجامعي والإضرار بمستوى مخرجاته في تخصص مرتبط بصحة الناس بل وحياتهم.

مضيفا أن أي محاولة لضرب وإلغاء الأعراف والتقاليد الأكاديمية العريقة المتبعة في كل جامعات العالم هو أمر يبعث على الاستغراب الشديد، لان عملية رسوب أو نجاح أو إعادة الامتحانات هو شأن جامعي داخلي صرف تحدده وتنظمه قوانين الجامعات اليمنية الموحدة، ولوائحها المنظمة... فثمة قوانين ولوائح في الجامعة تسمح للطالب بمراجعة الأمر... ومن المؤسف أن يأتي من يشكك بنزاهة ومصداقية كل أساتذة كلية الصيدلة وهيئتها التعليمية. ويتسائل كاتب المقال هل يحق لمحكمة غير مختصة أصلاً وهي محكمة إدارية أن تصدر حكما في مجالا غير الاختصاص، وهل يحق للمحكمة أن تخرق قوانين ولوائح جامعية معروفه في كل العالم لتضع نفسها في مواجهة مع من يريد تعليماً أكاديمياً يخدم البناء والانسان، ومن لايريد تعليما؟ معقبا بان ليس من حق أي جهة أن تخرق تلك اللوائح لأنها مقره بقرارات وقوانين رسمية من أعلى السلطات في البلاد.

 

بهذا يكون كاتب المقال قد وضع جامعة عدن هذا الصرح الاكاديمي العريق في مواجهة غير طبيعية مع مؤسسة القضاء ومورطا لكل الكادر الاكاديمي في هذه المواجهة التي تشوه الجامعة وكادرها.

لقد انتقل كاتب المقال من مجرد الحديث عن قضية الطلاب ومهاجمة القاضي الذي اصدر الحكم موضوع المقالة, الى مهاجمة مؤسسة القضاء بشكل عام بالقول: لم يقم القضاء بالحكم السريع أو البطيء ضد ناهبي أراضي جامعة عـدن وهم معروفين، ولم يقم  بالحكم على اللصوص الذين سرقوا أجهزة ومختبرات كليات الجامعة وتم الإفراج عنهم بعد ضبطهم وهم معروفين، ولم يقم بمحاسبة بضع طلاب هددوا عميد كلية الصيدلة بالقتل وأرسلوا له ظرف يحتوي على رصاصات، ولم يقم بالتوجيه بالتحقيق ضد من قام بإحراق سيارة أستاذ أكاديمي بكلية الصيدلة، ولكنه قام بالحكم السريع وخلال يومين فقط ضد كلية الصيدلة وبمضمون حكم يتهم كل اساتذته الكلية دون استثناء، وذنبهم أنهم التزموا بالنظم الجامعية ولوائحها وطبقوا نصوص القانون الجامعي. وينتقل كاتب المقال الى وضع طرفا آخر محل القضاء بالاشارة الى أن اولئك تبينوا من خلال النزول والمتابعة في الكلية لاستقصاء الحقيقة الكاملة أن الطلاب الراسبين معروفين بمستواهم الدراسي المتدني، وتكشف لهم بالدليل أن هؤلاء الطلاب الراسبين والذين قدموا قضية ضد الكلية لم يدخلوا امتحانات القبول والمفاضلة (تعليم موازي) أسوة بالطلاب المتقدمين للدراسة بكلية الصيدلة، ودعوا القضاء إلى أن يكون داعما للتعليم الجامعي وأن يقف إلى جانب تطبيق اللوائح والنظم الأكاديمية.

 

فإذا كان القضاء يشكي تدخل الجهلة في شئونه, ويتالم لتجاهل ورفض احكامه من قبل الفاسدين, ويصرخ من إساءات المتحذلقين له وإهانته علنا في وسائل الاعلام والتشكيك بنزاهته ومصداقيته. فكيف يكون حال القضاء عندما يهاجمه ويهينه ويشكك بمصداقيته صرح اكاديمي عريق لا ينقصه الكادر القانوني والحقوقي, بل ويفخر بتاهيل الطلاب والقضاة ورجال القانون في المجال القانوني والحقوقي.

 

السؤال المهم هنا موجه الى الكادر الاكاديمي في كلية الحقوق بجامعة عدن والمعروف بمكانته العلمية والعملية في المجال القانوني, وكذا الكادر الاكاديمي في كلية الاعلام بجامعة عدن:

 

هل هم مقتنعون بما قامت به الصفحة الرسمية لجامعة عدن من هجوم على القضاء وإهانته والاساءة اليه وطرح قضية منظورة امامه على الاعلام؟

 

هل تدرس كلية الحقوق طلابها بان يهاجموا القضاء اعلاميا إذا خسروا المرحلة الابتدائية في اي قضية منظورة امامه واهانة القاضي والتشكيك بنزاهته؟

 

هل تدرس كلية الحقوق طلابها مراحل التقاضي وإمكانيات الاستئناف وطرق الطعن بالاحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الاولى؟

 

هل تدرس كلية الحقوق طلابها بان القضاء هو الحارس الامين لتطبيق القوانين النافذة اي كانت الجهة المعنية, ام انها تدرس طلابها بان القضاء غير مختص بالنظر في القضايا المتعلقة بجامعة عدن, وان لوائح جامعة عدن فوق صلاحيات القضاء؟

 

هل تدرس كلية الاعلام طلابها بان يهاجموا القضاء ويهينوه ويشككوا بنزاهته إذا لم يعجبهم اي حكم قضائي صادر عنه؟

 

هل تدرس كلية الاعلام طلابها إحترام القوانين والحياد الايجابي في القضايا التي يكتبون عنها, والبحث عن الحقائق ونشرها والاستقواء بالادلة القطعية والمستندات دون تجريح او اساءة؟

 

لماذا لم يتوجه القائمون على الصفحة الرسمية لجامعة عدن الى اساتذة كلية الحقوق للاستئناس بارائهم القانونية في هذه القضية وغيرها قبل إهانة القضاء؟

 

هل يمكن ان يحرك القضاء دعوى ضد جامعة عدن بتهمة إهانة القضاء والاساءة الية علنا والتشكيك بمصداقيته امام الراي العام والتدخل في شئون القضاء؟

 

في الاخير نقول للقائمين على الصفحة الرسمية لجامعة عدن بان ما قاموا به هو في البدء إساءة لجامعة عدن وكادرها الاكاديمي والاداري, وإساءة مباشرة لرئيس الجامعة وتوريطا له في قضية لم تكن تحتمل كل هذا التهويل. فاي طالب في الثانوية العامة يعلم بان الحكم الابتدائي قابل للطعن فيه بالاستئناف امام محكمة الاستئناف وحتى الحكم الاستئنافي قابل للطعن فيه بالنقض امام المحكمة العليا. لكن إذا كان محامي الجامعة جاهلا بالقانون, او انه لم يستطع تجميع الادلة التي تؤيد موقفه او انه ركن الى إتصالات مخالفة للقانون دون ان يكلف نفسه دراسة القضية والاستعداد التام للترافع فيها بالسند القانوني والدليل المادي, فلا ترموا فشلكم على القضاء وتورطوا غيركم في مواجهة ثقيلة هم ليسوا طرفا فيها.

 

* د.محمد البنًآ - نقلا عن التغيير