كثيراً هي الأخبار التي يتم تداولها عن أخونة أجهزة الدولة سواءً المدنية أو العسكرية, وكثيرة هي الأرقام التي يتداولها الإعلام, لكن غياب الشفافية لدى الجهات الرسمية, اضافة الى أن المعلومات غير متاحة للباحثين عنها, كل ذلك أدى الى عدم وضوح الرؤية, وأنا هنا لا أتحدث عن المعلومات والبيانات السرية, انما اتحدث عن معلومات يجب أن تكون معروفة على مستوى الشارع, فالتوظيف أو التجنيد مثلاً يهم المواطن البسيط الذي من حقه أن يتم تعيينه في أجهزة الدولة, وبالتالي فان تلك العمليات يجب ان يتم الاعلان عنها وعن المعايير المطلوب توفرها ليتقدم كل من يرغب للمنافسة.
طبعاً وزراء الإخوان عندما يمارسون الفساد فإنهم ينفذونه بمنهجية, ولا يكتفون بتغيير الأشخاص, بل يعملون على تغيير اللوائح لتتفق مع أجندتهم الخاصة, وأبسط مثل هو ما قام به الإخوان عبر أياديهم في المجلس الأعلى للقضاء وبالأخص وزير العدل مرشد العرشاني, عندما غيروا شروط القبول في المعهد العالي للقضاء لتتفق وما تخرجه جامعة الايمان من كوادر, وكان ينقص المجلس أن يشترط طول اللحية لتتضح الجهة المستهدفة تحديداً.
من خلال متابعة تصرفات الحكومة يتضح أن هناك توجهاً حقيقياً وملموساً لأخونة الدولة وعلى أكثر من مستوى, ولا أعتقد أن يمر هكذا سيناريوا دون علم من الرئيس هادي, وهنا تحديداً يبرز سؤال محوري : هل الرئيس يدرك مخاطر تلك العملية؟ أم أن ما يهمه هو نصيبه في المحاصصة؟
يتداول الكثير أن الرئيس يمرر تلك الصفقات للإخوان مقابل تمريرهم لبعض اصلاحاته في الجنوب خصوصاً فيما يتعلق بملف المبعدين والمسرحين وغيرها من الملفات التي تراكمت منذ حرب 94م, فلا تقوم الحكومة بتنفيذ أوامره ولا يتم تغطيتها مالياً الا بعد مقايضته, والمشكلة أن المقايضة تتم بين الرئيس والاخوان منفردين وان كانت الحكومة هي الواجهة.
عندما يوافق الرئيس على تجنيد عشرات الآلاف في الوقت الذي يعاني فيه الجيش والأمن في اليمن من تضخم في الأعداد, فان ذلك يثبت صحة التسريبات التي تقول ان الرئيس بصدد الموافقة على صفقة جديدة ضخمه بينه وبين الاخوان, يتم بموجبها تجنيد وترقيم للآلاف من المقربين منهم, اضافة الى بعض التعيينات في المناصب العليا, مقابل اعتماد قرارات الرئيس المرتقبة بخصوص بعض الملفات في الجنوب, والكل ينظر من زاويته الخاصة أنه الكسبان, الرئيس من ناحيته يريد ترسيخ نفسه في الجنوب أكثر وزيادة شعبيته بصفته من اعاد لهم الحقوق ليضرب منافسيه الجنوبيين, والاخوان يستثمرون الموضوع بطريقتهم الخاصة تمهيداً للانتخابات القادمة.
تكمن المشكلة في ان الرئيس يقايضهم على حقوق ثابته ولا تحتاج الى صفقات, ولو اعتمد الرئيس على اصدار القرارات الخاصة بتلك المعالجات دون مقايضة وعند الامتناع أو التلكؤ في تنفيذها يتم تحميل الحكومة والاطراف السياسية داخلها المسؤولية, عندها ستصبح المعركة بين المستفيدين من تلك القرارات وبين الجهات السياسية داخل الحكومة التي سيتضح للجميع انها تطلب مقابل خاص بها لتمريرها تلك القرارات, مما سيجبر تلك الجهات على الخضوع للقرارات دون صفقات من تحت الطاولة, تلك الصفقات قد تقلب الطاولة يوماً من الأيام على هادي كما قلبتها على سلفة.