من لا يتعلم من الأخطاء الكارثية السابقة والحاضرة عليه أن يعلن فشله وتقصيره ويتنحى ، ويترك المجال لمن هو أقدر وأجدر على تولي زمام الأمور ، في هكذا أوضاع إستثنائية وحرجة وصعبة للغاية ، لا مجال للعواطف والمشاعر عندما يصبح أمن الوطن وشعبه في خطر مباشر.
توقعت من قادة المجلس الانتقالي الجنوبي أنهم تعلموا من درس أغسطس المشؤوم عندما ترك الشعب وقواته لوحدهم إلا من قلة فضلت الخيانة أو الاختباء ، ولكن للأسف الشديد خاب ظني فيهم ، لا نريد أن نكون نسخة طبق الأصل من قادة الجيش السوري الحر أو منظمة التحرير الفلسطينية الذين أتخذوا من عواصم الشتات وطن بديل ، وكانت النتيجة ضياع قضيتهم ووطنهم .
لن تتحرر الأوطان وتصان إلا بتلاحم القيادة مع الشعب بالسراء والضراء ، إنفصال أو بعد أحدهما عن الآخر هو نهاية مأساوية ومحزنة وحتمية لكليهما ، لا مبرر لوجودهم خارج عدن والجنوب ، في السابق كانت الأوضاع الأمنية منفلته وغير مستقرة ، أما اليوم وبغض النظر عن الإخفاقات أو التجاوزات الأمنية المحدودة ، عدن تستطيع توفير الأمن والاستقرار لقادة المجلس الانتقالي الجنوبي وأسرهم .
إذا كان مستوى العيش في عدن وبين شعبهم لا يليق بهم بعد القفزة النوعية الحياتية في عواصم الآخرين ، فهذه هي الطامة الكبرى والخسارة الفادحة لقادة كانوا بالأمس القريب جزء من هذا الشعب الجنوبي ، وسيصبحون كأسلافهم محامون فاشلين يترافعون عن قضية عادلة فيخسروها ويخسر الشعب الجنوبي كعادته .
ظاهرة الهجرة الجماعية لرموز الشرعية وأسرهم في الرياض وعواصم الشتات بالعالم التي أنتقدناها و ننتقدها ليلا ونهارا ، صار يقابلها للأسف الشديد نمو مطرد لظاهرة الهجرة الجماعية لرموز المجلس الانتقالي الجنوبي إلى أبوظبي أو القاهرة أو أي من عواصم الشتات في العالم ، بحثا عن الإقامة الدائمة لهم ولأسرهم ، ولا تفسير منطقي لذلك التهافت الجماعي للهجرة وترك الشعب وحيدا بمواجهة مصيره المجهول .
كمواطن جنوبي يبحث عن وطن فرط به ساسة وزعماء الأمس وهربوا ، ولم يعودوا هم وأسرهم منذ عقود حتى اليوم ، أعلن رفضي وإستنكاري لإقامة رموز وقادة الانتقالي خارج عدن ، بل البعض منهم يعاملون على أستبدال جوازات سفرهم الوطنية بأخرى لدول مضيفة كانوا يدعون أنها للاقامة المؤقتة فقط .