لم تشهد جامعة عدن منذ تأسيسها في سبعينيات القرن الماضي مرحلة إدارية أسوى مما هي عليه اليوم خاصة بعد تحولها إلى مصدر تكسب يتقاسم عائداته عدد من المتنفذين وأضحت مضربا للمثل في العشوائية والرشوة واختلاسات الطلاب فضلا عن تجاوز لائحاتها الداخلية وتدهور نظامها التعليمي الأمر الذي تحدث به وأكده غالبية الأكاديميين من القدامى والمستجدين والمختصين في العمل الإداري بشؤون الجامعات الحكومية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي في اليمن.
تدمير ممنهج تديره عصابات أخونجية متمرسة وفضائح إدارية مروعة تتمثل بالتزوير والرشاوى والمغالطات والإحلال والإبدال بطرق وأساليب لاشرعية إضافة إلى فساد مستشري ينخر ماتبقى من هيكل الجامعة على مرأى ومسمع الجميع وسط صمت مطبق للجهات المسؤولة في عدن.
فجامعة عدن التي ظل اسمها نبراسا يناطح السحاب ومشعل عزة يفخر به كل الدارسون العرب كما كانت حلما يطمح الكثيرون في الوصول إليه للمكانة المرموقة التي تحتلها عربيا، اليوم تتحول بفعل معاول الهدم إلى مايشبه المدارس الأساسية والثانوية بل لايبالغ أحد في القول أن ثانويات محافظتي تعز وإب تشكل حالة أرقى من جامعة عدن رائدة التعليم الأكاديمي على مستوى الوطن العربي في العقود الماضية.
رئاسة جامعة عدن تجاهلت أوائل الطلاب على دفعهم "صفوة المجتمع" وأحرمتهم حقهم القانوني في التعيين وأصدرت مؤخرا مئات القرارت لتعيين منتدبين مستواهم بين "جيد ومقبول" دون حسيب أو رقيب غير آبهة بمستقبل التعليم ومخرجاته كما عينت العشرات من المقربين لرئاسة الجامعة وعمداء الكليات لايعرفون للجامعة طريقا على حساب منتدبين فعليين قضوا سنوات شبابهم مدرسين في كليات الجامعة المختلفة.
فالوضع المزري الذي تمر به جامعة عدن يدركه القاصي والداني بما فيهم وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور حسين باسلامة وهو شخصية إدارية ضعيفة لاتجرؤ على اتخاذ القرار إذ يصف البعض وزارته بالإدارة التابعة لرئاسة جامعة عدن حيث لايستطيع اتخاذ أي قرار إلا بالعودة للخضر ناصر لصور وليس العكس مؤكدين بالوقت ذاته أن صلاحيات رئيس الجامعة تفوق صلاحية الوزير وذلك لمكانته المقربة من دائرة صنع القرار في الحكومة الشرعية.
مراقبون وناشطون في حديث لوسائل الإعلام أكدوا أن التأريخ لايرحم أحدا وأن الصمت على ذلك يعد واحدة من أكبر الجرائم بحق الشعب في عدن والمحافظات الجنوبية المجاورة مؤكدين أن تدمير التعليم بلا شك هو قتل للشعب وحملوا الجهات المسؤولة في عدن المسؤولية الكاملة إزاء مايحدث في الجامعة.
من جانبهم عبر أكاديميون ومثقفون عن أسفهم وقلقهم الشديدين من جراء الوضع الكارثي الذي آلت إليه الجامعة مؤكدين أن على المجلس الانتقالي الجنوبي التحرك اليوم قبل غد لإنقاذ جامعة عدن من المستنقع الذي غرقت فيه وطالبوا في سياق حديثهم المجلس الانتقالي بسرعة التدخل لإيجاد الحلول اللازمة والبت في تشكيل لجان عاجلة لإصلاح وضع الجامعة وتلافي الأخطاء والتجاوزات ومحاسبة كل الفاسدين خاصة بعد اثبات الشرعية عجزها القيام بواجبها في إشارة بالوقت ذاته إلى أن المجلس الانتقالي أضحى الحاكم الفعلي على الأرض وعلى عاتقه تقع المسؤلية الكاملة إزاء مايحدث لمستقبل الأجيال وصرحهم العلمي الشامخ.
*- رفيق القسيمي