في اتفاق الرياض كانت الإشارة صريحة إلى ضرورة التّخَلص من عبث وفساد السلطة، وأيضاً إلى إصلاح الاختلالات في المناطق المُحرّرة والالتفات إلى تنميتها، ناهيك عن ضرورة تفعيل أجهزة السلطة وإعادة هيكلتها...إلخ.. ونعرفُ يقيناً أن كل السلطات المتعاقبة أدمنت ثقافة أنّ الدولة بكل أجهزتها المُهترئة ومواردها وثرواتها هي مساحة فيدٍ للمتسلطين عليها وذويهم، بل وتوريثها أيضاً! وتفاقم هذا الوضع في عهد عفاش، ولكنه الآن أكثر شراهة وبشعاً في عهد هذه السلطة..
إذاً.. وبعد هذا الاتفاق، وبموجب صراحة بنوده بضرورة إصلاح السلطة، فهل نضمنُ أنّ تحسين وتفعيل أدائها بالقضاء على التالي من أشكال العبث والفساد:
- هل سيتم إيقاف النهب الشّره وغير المشروع لثروات البلاد كالنفط والغاز، حيث يتم استقطاع نسبة 30 % من قيمة النفط المُستخرج وقبل مغادرة سُفن شحنهِ، ويتم ذلك من قِبل نافذين في السلطة كعلي محسن الأحمر وعبدالعزيز الشّايف وسواهم! فهل ستصمتُ وزارتا النفط والمالية على هذا النهب الجائر أو ستمرره كسابق العهد؟!
- هل سَتُسدّد الديون الضخمة على كبار النّافذين للدولة مثل التاجر أحمد صالح العيسي؟ وهذا أُعلِن مؤخراً وعلى الملاء أنّ عليه 4 مليارات ريالٍ يمني لشهرٍ واحدٍ فقط مقابل جمارك للنفط الذي يحتكر استيراده! وكم عليه من الديون خلال بقية السنة والسنوات السابقة؟! وهل سيتم إيقافه مستقبلاً عن هذا العبث أو سيستمر هذا الوضع البائس؟!
- هل سيتم تصحيح الأوضاع في المرافق الكبيرة التي جرى تدميرها عنوة (مصفاة عدن أنموذجاً) على أيدي خُبثاء أتباع لهؤلاء النافذين؟ والغرض لتحويلها إلى ملكية خاصة بهؤلاء، وبالتالي تشريد آلاف موظف إلى الشارع! ليس هذا وحسب، بل وحرمان موازنة البلاد من إيراداتٍ فلكية كانت توفرها هذه المصفاة وسواها! وهل سيتم محاسبة من قام بكل هذا العبث والفساد أو..؟
- هل سيتم تصحيح الاختلالات الجسيمة التي طالت أجهزة الدولة وباختراقٍ فاضح للدستور والقوانين؟! وذلك مثل تعيين أئمة مساجد وغيرهم من غير العسكريين وبرتب رفيعة (لواء - عميد.. إلخ)، وكذلك تعيين الآلاف كعسكريين وهميين لنهب كل مخصصاتهم المالية!! وهذا عار بحق المؤسسة العسكرية للبلاد، وكذلك الحال في وزارة الخارجية بتعيين الأقارب غير المؤهلين دبلوماسياً وسياسياً، وممارسة هؤلاء للفساد والعبث بأبشع صوره، ويكفي فقط أن نشير إلى نهب هؤلاء للمنح الدراسية لأوائل الطلاب في البلاد وتسخيرها لأبنائهم وذويهم وخلافه!
- هل سيتم استثناء الناهبين والعابثين من النافذين واستبعادهم من تسنّم مناصب رفيعة في السلطة يؤمنون من خلالها مصالحهم ونهبهم للبلاد كعلي محسن الأحمر وأحمد صالح العيسي و.. و..، فمثلاً النافذ أحمد صالح العيسي مُعيناً (وياللغرابة) في مكتب الرئاسة للشؤون الاقتصادية!! ومن موقعهِ هذا يتحكّم بالوزراء ويُسيرهم ليمرر مصالحه الجهنمية! بل ويضطر كثيراً إلى إقالتهم من مناصبهم!! ووقائع عبثه وفساده في هذا الجانب مشهودة ومعروفة للقاصي والداني في البلاد!
الفضائح والجرائم الاقتصادية كبيرة ومهولة، كما ويشيبُ لها رأس الجنين، وهي جرائم بحق الشعب المسحوق الذي يعيش في أدنى مراتب الحياة جرّاء نهب وعبث وتغوّل هؤلاء العابثين.. وكل هذه من المسائل التي يُفترضُ أن يصحح فيها اتفاق الرياض هذا، لأنها قضايا طُرحت على طاولته وباعتبارها أصل وأساس كل إشكالات هذه البلاد، وأثق أن كل الناس توافقني على هذا بل ويتمنّونه أيضاً.. أليس كذلك؟!
*- علي ثابت القضيبي