منذ غزو الجنوب، بل ومن قبل ذلك، عمل نظام علي عبدالله صالح (عفاش)، وشريكه في الغزو حزب التجمع اليمني للإصلاح (النسخة اليمنية من تنظيم الإخوان المسلمين)، على تسخير مقدرات الدولة وتركيزها على بناء جيش وترسانة عسكرية، واستخدموها لتنفيذ مخططاتهم وتحقيق مصالحهم، وبالمقابل عملوا على تدشين مؤامرات بحق الجيش والترسانة العسكرية الجنوبية، وأجهزوا عليها خلال غزو الجنوب وما تبعه من تسريح وفصل وأبعاد للكوادر العسكرية، واكتملت فصول المؤامرة ببناء ترسانة عسكرية كبيرة وتعزيز تواجدها في الجنوب.
بناء الترسانة العسكرية الشمالية للإصلاح وعفاش، وإلى جانب استخدامها للهيمنة على الجنوب وإحكام قبضتها العسكرية عليه، استخدمها، أيضاً، نظام عفاش وشريكه حزب الإصلاح، للاستحواذ على ثروات الجنوب، والسيطرة عليها من خلال تكثيف تواجد المعسكرات بالقرب من منابع الثروات، وتحقق لهم ذلك ونهبوا ولا يزالون ينهبون ثروات الجنوب حتى اليوم.
شواهد ووقائع مختلفة تبين ذلك الأسلوب الممنهج للنهب الشمالي لثروات الجنوب. ففي محافظة حضرموت نجد قوى الشمال ركزت على وادي حضرموت حيث الثروات، وأسست منطقة عسكرية بقيادات شمالية نافذة موالية لهم وجنود أيضاً منهم، إلا فيما ندر، في حين لم يعطوا ذلك الاهتمام والتركيز للمنطقة العسكرية الثانية بساحل حضرموت، نظراً لكون معظم الثروات النفطية في الوادي، ولهذا نجد أن تبعات هذا التواجد العسكري لا تزال تحظى بحماية الإخوان، ويعتبروها مسألة حياة أو موت، وكذلك الحال في شبوة ومحافظات الجنوب الأخرى.
من الملاحظ أنه، ومنذ اجتياح مليشيات الحوثي لصنعاء وانطلاق عاصفة الحزم، ورغم ذهاب كل طرف في جهة مضادة إلا أن الترسانة العسكرية لا تزال متواجدة ومستمرة في نهب النفط والثروات، لاسيما في حضرموت وشبوة، ما يعني أن المنظومة واحدة وأهدافها مشتركة، وانتقلت قيادتها من نظام عفاش إلى الجناح العسكري لحزب الإصلاح.
ووجد حزب الإصلاح المتغلغل في الحكومة الشرعية فرصة لممارسة أسلوب الابتزاز والانتهازية لتعزيز هذه الترسانة العسكرية، وبناء قدرات جديدة في مأرب وبعض المحافظات المحررة، وإن كان تواجدها خفيفاً، حيث استغل جناح الإصلاح العسكري تواجده في الشرعية، ودعم التحالف العربي ومقدرات الدولة، بالإضافة إلى دعم سري من قطر لبناء هذه الترسانة في مأرب منذ انطلاق عاصفة الحزم، وراوغ وتخلى عن أي خوض مواجهات وصدام حقيقي مع مليشيات الحوثي لأجل بناء هذه الترسانة.
الآن، وبعد ما يزيد عن أربع سنوات من انطلاق عاصفة الحزم، بات الإصلاح يمتلك ترسانة عسكرية كبيرة في مأرب، وهي ترسانة لا يستهان بها، وتشكل مخاطر كبيرة على التحالف العربي، وكذلك على الجنوب، ولا يستبعد أن تنحاز إلى جانب مليشيات الحوثي، لاسيما وهي تتلقى دعماً كبيراً من قطر حليفة إيران وتركيا، ونجدها تهاجم قوات التحالف والقوات الجنوبية لتفرض هيمنتها بنفس نهج نظام عفاش ولتنفيذ أجندات قطر.
ونظراً لما تشكله هذه الترسانة من مخاطر على الجنوب والتحالف، وعلى الرغم من أن جنوب اليوم ليس جنوب الأمس، فلا مناص أمام التحالف العربي من الوقوف بجدية أمام هذه المخاطر التي تشكلها ترسانة حزب الإصلاح العسكرية، لتقليصها وتجفيف منابع الدعم عنها، وذلك يتطلب تعزيز القوات الجنوبية وتمكينها من امتلاك ترسانة موازية، بل وتفوق ذلك، والسير نحو استكمال تأمين كافة مناطق ومديريات محافظات الجنوب بقوات جنوبية خالصة، فتكون حينها حاجز صد منيع أمام ترسانة الإصلاح ومليشيات الحوثي الموالية لإيران.