عندما كنت موظفا و مشرفاً على وحدة مقاصة الشيكات في المصرف المركزي الإماراتي، جاءتني رسالة من معالي محافظ المصرف المركزي انذاك يطلب مني التعاون مع أحد الأشخاص المنتسبين لشرطة دبي في إعداد رسالة الماجستير حول الشيكات و مقاصتها.
طبعاً رحبت بمساعدة هذا الطالب، و رحبت أكثر و ازددت فرحاً عندما قابلت الشاب و عرفت انه من الجنوب من لهجته، فسألته من وين انت، و كنت اتوقع منه ان يخبرني انه من الجنوب، و لكنه قال انا من يافع، فابتسمت له، و لم أعلق.
فقررت ان يبقى في المصرف المركزي لمدة عشرة ايام بدوام رسمي كامل حتى اعينه على وضع توصر علمي لرسالته في الماجستير.
و في اليوم الأخير أحببت ان امزح معه، و قلت له لماذا انتم دائماً في خصومة مع ابناء الضالع، ففجأة رأيته اصبح عصبياً و الشرر في عينيه، و قال لي: يا استاذ يجب ان تعرف ان الضالع ضِلع من يافع، و الشعيب شِعب من يافع، ووووو، فهدأته، و قلت له إهدأ ايها الشاب، انا لا انكر تاريخ يافع، و لكن يجب ان نعمل جميعا لنكون جسداً جنوبياً واحداً، و نبعد النزاع الذي لا داعي له.
ودعته و تمنيت له التوفيق بالنجاح في الحصول على شهادة الماجستير، و وعدني هو ان يذكرني في مقدمة دراسته، و ان يهديني الكتاب بعد الانتهاء، و لكن للأسف لم اره منذ ذاك الحين و لم ارى دراسته.
انا عندي تساؤل اوجهه لابناء يافع الكرام، و هم متواجدون كثير في الغربة و في الجنوب و في السلطة و في المعارضة، و سؤالي هو لماذا لا يطالبون السلطة بإشهار يافع كمحافظة؟ ماذا ينقصها لتكون محافظة، مع التزام ابناء يافع في الغربة على دعم محافظتهم و مساعدتها في التنمية.
كلنا يعرف ان يافع قبيلة من أشد قبائل جنوب الجزيرة العربية ، من ذي رعين من حمير، هم بنو يافع بن قاول بن زيد بن ناعته بن شرحبيل بن الحارث بن يريم ذي رعين.
و قد ذكر مؤلف جزيرة العرب عنهم فقال "و قبائل يافع من أعظم قبائل شبه جزيرة العرب الجنوبية، و أصعبها مراساً و أكثرها عدداً ، و تاريخهم مملوء بالحوادث الجسام، و لا تزال قبائل يافع تحتفظ بالصفات العربية كالكرم و حماية المستجير و الدفاع عنه.
فأتمنى من رجالات يافع الكرام الضغط على الرئيس هادي ان يعلن يافع محافظة كما اعلن من قبل سقطرى محافظة.
الخلاصة:
ــــــــــــــ
يجب ان نتفادي التعصّب للهوية القبلية، و إعلاء الهوية الوطنية، التي هي غير قابلة للتجزئة، فنعرف للأسف انه كثيرا ما تنتكس المواطنةُ و يحلّ محلّها التعصّب للهوية القبلية .
يدرك الجميع انه ليس هناك مجتمع ذو هوية واحدة، و أنّ الأهمّ هو تحقيق الإنسجام بين الهويات المختلفة، في كلّ مجتمع.