التكتل والضحك على القضية الجنوبية

2024-11-09 06:15

 

لا أعرف ماذا حدث لهذا الزمن، و لماذا الأيام و الأحداث تركض مسرعة، و أغرب ما فيها ان الفهلوة السياسية كثرت فيها، فالسياسي الفهلوي مثله مثل لاعب السيرك، مثل المغامر، مثل المقامر، مثل المخادع او هم هكذا، و ليس مثل.

هؤلاء يسخّرون مواهبهم الشيطانية احياناً لفعل أمر لا يتقنون سواه، فالفهلوي يدخل على الآخر بطريقتين، هجوم ذكي و سوء نية مبيتة، و هاتان الطريقتان كافيتان لأداء مهمة الفهلوة و الخداع.

 

الفهلوي النصاب لا يستطيع اللعب الا في في الأماكن القذرة الفاسدة، و لا ينجح إذا ذهب لبيئة نضيفة سليمة.

ما يعمله لاعبو السيرك هو عمى للعيون، و تخدير للعقول، و هو ما يعمله الفهلوي و المخادع، يقول لك أحدهم كنت في صندقة، و فجأة اصبحت ملياردير اتحكم بمصائر الناس، او ذاك الفهلوي الآخر الذي كان يعمل في شيشة بترول و اصبح من أباطرة و تجار البترول، أو ذاك الوزير الذي كان ينتظر في طابور طويل في بريطانيا ليقبض الإعانة الشهرية، فأصبح بقدرة قادر وزيراً.

متى سيتعلم شعب الجنوب كيف يقتلع الفسدة المخادعين، او ان هذا الشعب يحتاح كل مرة لفأس تقع في الرأس ليصحى على حساب الوهم و الوهن!!

 

الفهلوي السياسي المخادع مثل الطالب الذي يغش في إمتحانات المراحل الدراسية و ينجح كل سنة بالغش، و لكن في الإمتحان النهائي يتم إكتشافه، و يتم رمي ورقة الإجابة في سلة المهملات، و يتم طرده، و تنتهي أوهامه بأنه فهلوي و ذكي.

الفهلوي يبني لنفسه شخصية وهمية و يُكبِّر فيها "الأنا" المختلفه عنه، و يعيش هذا اللون من الفهلوة و الخداع، و تصبح حياته عبارة عن ممارسات للخداع و يتجرد من عفوية العيش، و يصبح مقيد بقيود الفهلوة و الغش و الخداع، و لا يستطيع التخلص منها لانها اصبحت جزء من شخصيته.

ابتلى شعب الجنوب ببعض الفهلوية من الساسة، الذين يعتبرون ان السياسة هي فن الكذب، و ليس فن الممكن، فتلقى أحدهم فهلوياً بإقتناص الفرص عندما تبرز المشاكل ليأتي برأي سديد هو يعتبره هكذا، و يستعمله بعض المصلحجية لتسويق اهدافهم، ثم يغيب هذا الفهلوي، و تراه يظهر في موقف جديد، الا انه نسى ان فهلوته فسدت و اصبحت مكشوفة للناس، اتذكر قبل 5 سنوات أجتمع هذا الفهلوي بمطعم الرومانسية و معه فهلوي آخر مشهور بالقفز من السفن السياسية عندما يشعر انها تقترب من الغرق، و جمعوا حولهم مجموعة من رجال محافظة حضرموت، و فحوى اللقاء المطالبة بإقليم حضرموت، و مرت السنون و بقت حضرموت لأهلها و عزّات يا أهل حضرموت، تذكرت يومها المحضار يوم قال:

 

عـزّات يا راس عالي با يـخـفـضـونـك / و النور لي هـو يـلألئ من فـوقـك الـيـوم غـاب

يا حصن مولى البناقل محلى ركونك / خـيـفـان بـعـد الـزوامـل ينـعـق عليـك الـغـراب

لـي خـرّبـوا دار بـصـعـر با يـخـربـونــك / خذ عشر خذ خمس تعشر لابد لك من خراب

 

ويتكرر اليوم نفس المشهد، نفس الرجل الفهلوي، و معه السياسي القفّاز مجمّعين بعض من الساسة كممثلين لأحزاب و مكونات بعضها لم نسمع عنها بعد، و الهدف هو التكتل لإنهاء انقلاب الحوثي، و كما يبدو لي انهم كلهم احزاب وحدوية او شبه وحدوية.

اما بالنسبة للقضية الجنوبية، فهذا التكتل لا يعترف بها كقضية وطنية و انما كإحدى القضايا التي يعاني منها اليمن، و كأن المُخرج استخدم نفس السيناريو السابق مع القضية الجنوبية، فعلى هذا التكتل إن اراد كسب ثقة الشعب الجنوبي فعليه ان يعترف ان القضية الجنوبية هي قضية هوية، و قضية الهوية تتطلب حل لها و هو إستعادة هوية هذا الشعب، اما ما ينوي التكتل القيام به ما هو الا حرث في بحر، فحل القضية الجنوبية هو اساس حل حل كل مشاكل الشماليين، لأنه بحل القضية الجنوبية لن يبقى لدى الشماليين ما يختلفوا عليه.

الخلاصة:

ـــــــــــــــ

يحدث هذا في علاقات البشر ببعضهم، و يحدث كثيراً في الجنوب بعد انتصار ابناء الجنوب في حربهم ضد صالح و شريكه الحوثي، فنظرة الى الشرعية ستجد كثير منهم ينطبق عليهم ما قلته، و انظر إلى المكونات الجنوبية الأخرى، فستجد كثيرين ينطبق عليهم كلامي.

هؤلاء البشر كمن ينظر إلى مرآة مكسية بالتراب، فلا يرى نفسه كما يجب، و انما مشوشة و مشوهة.

د. علي محمد جارالله

8 نوفمبر 2024م